داود الشريان

رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وصف موقف مصر من الأزمة السورية بالحياد. وهو قال في حواره مع «الشرق الأوسط» الذي نشر السبت الماضي «نحن قلنا وجهة نظرنا منذ البداية وهي البحث عن حل سلمي سياسي والحفاظ على وحدة الأراضي السورية. هذا عنوان الحل والذي يشتمل على المعالجة المتزنة، وحل الميليشيات والعناصر المسلحة»، وزاد «فهل هذا حياد؟» وعن موقف القاهرة من قضية بقاء الرئيس بشار الأسد قال، «هناك فرق بين البحث عن حلول أو البحث عن استمرار الأزمة لسنوات. ومعنى حل سياسي سلمي لن يكون الحل لمصلحة طرف واحد وإنما لمصلحة الجميع».


هذا الموقف تكرر امس في البيان الذي صدر عن الرئاسة المصرية في نهاية زيارة الرئيس المصري للرياض. البيان اشار الى إن «الرئيس السيسي شدد على أن اهتمام مصر ينصرف إلى الحفاظ على الدولة السورية ذاتها وحماية مؤسساتها من الانهيار، مؤكداً أهمية التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة». الموقف المصري من الأزمة السورية بقي مجرد رأي، يتردد في التصريحات الصحافية، والبيانات التي تعقب الزيارات المتبادلة. هل جاء الوقت الذي تتحرك فيه القاهرة، وتصوغ هذا الموقف في مبادرة يتم طرحها، رغم ما يبدو لبعضهم من حساسية هذا الموقف لدى السعودية وبعض دول الخليج؟
القاهرة ومعها الرياض تدركان الآن ان المجتمع الدولي لم يعد متحمساً لحرب في سورية، فضلاً عن ان موقف السعودية يلتقي مع مصر في هدف حقن دماء الشعب السوري، لكن يبقى الشق الثاني من «المبادرة» وهو القبول بالنظام كمرحلة انتقالية، او القبول ببعض رموزه.


من الواضح ان القاهرة وجدت، هذه المرة، تفهماً مختلفاً في الرياض لحل الأزمة السورية. وتضمين بيان الرئاسة المصرية موقفها من سورية، بعد محادثات الرياض، مؤشر الى ان السعودية اصبحت اكثر قرباً من الرؤية المصرية، وربما عاودت النظر في طريقة معالجة الأزمة على نحو ينسجم مع المرحلة الراهنة، ويطمئن مخاوف مصر، وما يشكله انهيار سورية على امنها القومي. لا شك في ان الرياض والقاهرة اصبحتا اليوم اكثر قربًا من بعضهما بعضاً في رؤية الملف السوري. وربما ارتضتا تراجعاً محسوباً لكل منهما، يفضي الى امكانية الحديث عن دور سعودي - مصري مقبل، لتسوية الصراع في سورية.


الأكيد ان القاهرة وجدت ترحيبًا من الرياض للعب دور مؤثر في ملف الأزمة السورية، وهي بالنسبة إلى السعودية ستكون وجهًا مقبولاً لإحداث تطور في المشهد السوري. فضلاً عن ان التوافق السعودي - المصري سيجعل القاهرة اكثر قدرة على الحركة، والتعامل مع اطراف الصراع من دون حساسية شركائها.