حسن الحارثي

لم يكن مستغربا وجود محتسبين غلاة في معرض الكتاب، فهذا المكان هو ساحة جيدة للمنازلة السنوية والتصدي لكل ما لا يتماشى مع منهجهم المتشدد، ولم يكن مستغربا كذلك تأييدهم لفعل داعش حين حطمت الآثار الإنسانية، فهذا الأمر قد تجد في البيت الذي تسكن فيه من إخوتك من يؤيده ويرى أنه من واجبات المسلم وهو ليس متشددا، لكنه ضحية خطاب يرفض الحياة ويحتفي بالموت.


معرض الكتاب يأتي في كل عام حاملا بعض الحكايات التي تؤكد على وجود شريحة واسعة من المتشددين المتحمسين الذين لديهم القدرة على المواجهة وحتى العراك إن لزم الأمر، وهم في الحقيقة نتاج طبيعي لخطاب الغلو الذي كان سببا في وجود الإرهاب وخروج القاعدة وداعش، والجديد هذا العام أنهم كانوا بالشجاعة الكافية لإعلان تأييدهم لأفعال تنظيم الدواعش أمام الملأ، حتى لو جاء ذلك على شكل احتساب.


هذه الواقعة تؤكد تماما ما ذهب إليه الصحفي والكاتب قينان الغامدي حين أطلق قبل أيام عددا من التغريدات ذكر فيها أن في كل بيت سعودي داعشيا، وليس المقصود هنا تأييده لداعش أو ولاءه للتنظيم، وإنما تأييده للمنهج الذي قامت عليه داعش في التشدد والمغالاة في تطبيق الشريعة والأحكام وبالتالي هو يؤيد الخطاب الذي قامت عليه داعش حتى لو أظهر غير ذلك.


الوضع اليوم أصبح أكثر خطورة مما مضى، والدولة التي تحارب الإرهاب وتواجه خطر داعش في دول الجوار، الأولى بها أن تحارب الخطاب الداعشي المنتشر الذي يقوم على التشدد والإقصاء، وأن تتنبه لوجود مثل هؤلاء بيننا، ولو سنحت لأحدهم فرصة لأعلن دولته الإسلامية، تماما كما يفعل الدواعش في سورية والعراق، فقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الفكر والمنهج واحد، ويبقى الاختلاف في بعض التفاصيل غير المهمة، فهل نتيقظ لذلك؟.