إبراهيم بن سعد ال مرعي


كانت تُشير عقارب الساعة إلى السابعة مساءً يوم الخميس (25 مارس 2015م)، عندما أقدم صالح والحوثيون على إسقاط قاعدة العند واحتلال محافظة لحج، وفي عدن وعلى بُعد (27كم) فقط، في جبال المعاشيق، وفي القصر الجمهوري، كان يتواجد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وكانت تفصل الحوثيون وصالح دقائق فقط لاحتلال عدن وتصفية الرئيس.

قبض الشعب اليمني العربي الأصيل، والعالم العربي والإسلامي أنفاسه، يراقبون على الشاشات الفضائية، المراحل الأخيرة لسقوط منبع العروبة وأصل العرب، في أيدي إيران الفارسية، بمساعدة خائنٍ باع شعباً وأمته، وآثر نفسه وعائلته على (26) مليون مواطن يمني.

أطلق الرئيس اليمني نداء استغاثة لأخيه خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وأشقاءه قادة دول الخليج، وقادة العالم العربي والإسلامي لإنقاذ الشرعية وحماية الرئيس، فجاء الرد فوري، حاسم وحازم، بعاصفة لم تبق ولم تذر لهؤلاء المتمردين ما يمكنهم من إدامة عملياتهم، واستمرار سيطرتهم على المحافظات اليمنية بقوة السلاح، وجردتهم من أي قدرات عسكرية يستطيعون من خلالها استفزاز أو تهديد الدول المجاورة، فبعد (27) يوماً من العمليات تمكن التحالف من تدمير(98%) من قدراتهم الصاروخية، و(80%) من مخازن الأسلحة والذخيرة، ومعظم معداتهم الثقيلة، وعلى الأرض استطاع الشعب اليمني الأبي والباسل، ممثلاً في لجان المقاومة الشعبية في عدن وقائدها البطل أحمد الميسري، والقبائل الموالية للشرعية في شبوة ومأرب والضالع وأبين وإب، والذين ردعوا المتمرد وأوقفوا تقدمه، وقدموا التضحيات بالمال والنفس والولد، وكان منهم البطل الشيح أحمد صالح العقيلي أحد شيوخ مأرب، وهو من الذين تواصلت باستمرار معهم، وقد أُصيب بشظايا في معركة سرواح، وكان اللواء عبد الرب الشدادي قائد المنطقة الثالثة في (شبوة ومأرب) من القادة المخلصين لليمن، فلم يغريه المال ولم يجزع من التهديد، فدعم القبائل بالمدد تلو المدد، رجالاً وسلاحاً وذخيرة، ولم يكتف بذلك، فخطط للعمليات بخبرته العسكرية وشارك إخوانه شيوخ القبائل، فاستمر صامداً مقاوماً، وفي محور لحج، قاد المقاومة العميد ثابت جواس قائد القوات الخاصة في عدن، فالتف حوله الضباط والجنود المنحازين للشرعية، وما زال في كر وفر، وفي محور تعز، انبرى اللواء (35) مدرع لمواجهة المعتدي بعد إعلان ولائه للشرعية، وهو من الألوية القلائل الذين ترجموا تأييدهم للرئيس هادي بمقاومة صادقة على الأرض، وسانده في ذلك أبناء تعز بقيادة الشيخ حمود سعيد المخلافي، وما زالت المقاومة مستمرة حتى كتابة هذا المقال.

صدر قرار مجلس الأمن (2216) في (14 إبريل 2015م)، ومنح الحوثي وصالح (10) أيام مهلة للتنفيذ، وقبل انتهاء المهلة بثلاثة أيام، وبناء على طلب فخامة الرئيس هادي، تم إيقاف "عاصفة الحزم" وبدء خطة إعادة الأمل.

قرار إيقاف عملية "عاصفة الحزم" قرار سياسي ذكي، وهكذا أقرأه، أولاً، فهو يأتي بعد تحقيق العملية لأهدافها العسكرية المذكورة آنفاً، وثانياً، يستجيب لتوجه المجتمع الدولي والحكومة اليمنية لإيقاف العمليات وإعطاء فرصة للتسوية السياسية قبل انتهاء المهلة، وخصوصاً بعد ظهور مؤشرات بقبول المتمردين لقرار مجلس الأمن، بضمانات قدمتها القوى العظمى وبعض القوى الإقليمية، مع إبقاء الذراع العسكرية للتحالف حرة من خلال (3) أهداف عسكرية ضُمنت في خطة إعادة الأمل وهي (منع الميليشيات الحوثية من التحركات العملياتية، حماية المدنيين، دعم ومساندة وتسهيل أعمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية)، وهو ما تُرجم في اليوم التالي من بدء سريان توقف "عاصفة الحزم"، بتوجيه ضربات جوية لمعسكر اللواء (35) في تعز بعد احتلاله من قبل الحوثيين، وقصف فندق الرحاب في عدن بعد استخدامه من قبل القناصة الحوثيين لمهاجمة وقتل أبناء عدن، واستطاع التحالف من خلال هذه الضربات التي نُفذت بعد وقف عملية عاصفة الحزم توجيه رسالتان، أولهما للشعب اليمني، وثانيهما للمتمردين، بأن التحالف لن يتخلى عن أهلنا في اليمن وهو ملزم بحمايتهم، وليس أمام صالح والحوثي ومن خلفهم إيران إلا الإذعان لسبع نقاط رئيسية وردت في قرار مجلس الأمن وهي (توقف أعمال العنف، سحب القوات من كافة المحافظات اليمنية بما فيها العاصمة صنعاء، تسليم السلاح، التوقف عن القيام بأعمال الحكومة، الامتناع عن استفزاز وتهديد الدول المجاورة، الإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي "وهو ما تم بالأمس"، والسجناء السياسيين، والموضوعين تحت الإقامة الجبرية، وإنهاء تجنيد الأطفال).

تنتهي مهلة مجلس الأمن يوم الجمعة (24 إبريل 2015م) (تاريخ نشر المقال)، ونحن أمام عدة سيناريوهات محتملة، فإما أن نرى في الساعات المقبلة إعلان من قبل المتمردين بقبول القرار، وإما أن يلجأ مجلس الأمن إلى إصدار قرار جديد مبني على القرار (2216) وعلى ما سبقه من قرارات، تحت الفصل السابع ومادته (42)، التي تتيح تدخلاً عسكرياً من قبل المجتمع الدولي لتطبيق قرار مجلس الأمن بتحالف عسكري، وهذه المرة ليس من عشر دول، بل من دول العالم، وسيصبح المتمردين في مواجهة العالم بأسره، وليس في مواجهة دول الخليج ومن شاركها من الدول العربية والإسلامية.

الخيارات المتاحة أمام المتمردين محدودة جداً، والقدرة على المناورة السياسية أو العسكرية شبه معدومة، وبالتالي يتضح أن عملية عاصفة الحزم حققت أهدافها العسكرية الإستراتيجية، وتأتي خطة إعادة الأمل لتحقيق الأهداف الإستراتيجية السياسية والاقتصادية النهائية، باستخدام أدواتها الثلاثة السياسية والاقتصادية ولا نغفل العسكرية، فهي مستمرة حتى يعود الرئيس إلى صنعاء، ويحتفل الشعب اليمني بعودته، ويجوب أبناؤه وبناته الشوارع فرحاً بتحرير كافة المحافظات اليمنية، وسنشاهد ذلك قريباً بإذن الله في كافة وسائل الإعلام.

اليمن بحاجة إلى إعادة إعمار، وبناء جامعات، ومستشفيات، وطرق، وترميم للبنية التحتية، واهتمام بأبنائه من خلال تقديم المنح الدراسية، وأعتقد أنه آن الأوان لمجلس التعاون الخليجي لإعادة النظر في ضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، وأن يكون ذلك الركيزة الأساسية لخطة إعادة الأمل.

المناورات الحوثية التي أجراها الحوثيون في منطقة البقع على بُعد أمتار من نجران، رداً على دعوة خادم الحرمين لعقد مؤتمر الرياض، كان قراراً خاطئاً، وسيردد عبدالملك الحوثي ومن وراءه كثيراً (ما لي ولسلمان بن عبدالعزيز.. مالي ولسلمان بن عبدالعزيز؟؟؟).
&