علي بردى
يحاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دو ميستورا وضع تصور لتلافي تجربتي العراق وليبيا. يرى الترياق - ككثيرين آخرين - في بيان جنيف على رغم الخلافات على تفسير بنوده. يعتقد أنه يشكل إطار العمل الوحيد المتوافق عليه دولياً لتسوية الأزمة على رغم ما فيه من غموض. يقتنع الآن بضرورة اطلاق عملية انتقالية تدريجية تحت السيطرة وتدار على مراحل.
باختصار، يستنتج البعض أن "اختبارات الإجهاد" والمشاورات التي أجراها دو ميستورا مع ٢١٦ شخصية سورية وغير سورية خلال الأشهر الاخيرة لم تؤد الى أي جديد. المطلوب "تفعيل" هذا البيان وتنفيذ بنده الأحجية المتعلق بتشكيل هيئة حكومية انتقالية تحظى بكامل الصلاحيات التنفيذية بموافقة جميع الأطراف المعنيين. بلى، ثمة جديد يتعلق بالشكل على الأقل. صارت ايران جزءاً من المشاورات الجارية والمساعي من أجل ايجاد حلّ للأزمة الطاحنة المتواصلة منذ أكثر من أربع سنوات. استبعدت في المرات السابقة لأنها كانت "جزءاً من المشكلة". ماذا تغيّر؟ تزامن هذا التطور مع المفاوضات التي أفضت الى اتفاق فيينا في شأن البرنامج النووي الايراني. غير أن طهران لم تعترف قط، على الأقل حتى الآن، بأن بيان جنيف، الذي توصل اليه المفاوضون الأميركيون بقيادة هيلاري رودهام كلينتون والروس بقيادة سيرغي لافروف في ٣٠ حزيران ٢٠١٢، هو أساس الحل في سوريا. لا بد أن هذا الأمر يبعث على التشاؤم.
ثمة توافق عام على ضرورة التعامل مع جذر الأزمة السورية: الإستبداد. بيد أن صعود "الدولة الإسلامية - داعش" وغيرها من الجماعات التي تعتنق مذهب "القاعدة" في الإرهاب يثير الخوف. يخشى كثيرون أن ترفرف الرايات السود فوق دمشق. يعتقد دو ميستورا أن أولويات المواجهة مع هذا الخطر تفترض تشكيل حكومة جديدة ذات صدقية يرى فيها السوريون وغير السوريين شريكة في الحرب الدولية على الإرهاب. غير أنه لم يعثر بعد على مفتاح الشروع في عملية انتقالية "ذات مغزى ولا رجعة عنها". يدعو أطراف الأزمة الى الانخراط في مجموعات عمل وشكل آخر من النقاشات. يأمل في التوصل الى تفاهمات مشتركة على اقتراحات قدمت خلال الجولة الأولى من المشاورات. يضرب في الرمل والحصى برهانه على قدرة السوريين على ايجاد صيغة مكتوبة لإطار عمل يؤسس للهيئة الحكومية الإنتقالية وفقاً لبيان جنيف. هناك الكثير من الانتظار كي تظهر تأثيرات مجموعة الاتصال الدولية التي يسعى اليها دعماً لمساعيه الحميدة.
كل شيء يحتاج الى وقت. الولايات المتحدة تقترب من موسم انتخاباتها الرئاسية. السعودية تبلور قيادتها الجديدة. تركيا ترتب أولوياتها. ايران تجري قريباً انتخاباتها النيابية. كل هؤلاء سيساهمون في رسم مستقبل سوريا. لا بد من عملية انتقالية على مراحل.
التعليقات