أيمـن الـحـمـاد


العراق يعيش حالة من التوحّد على المستوى الشعبي؛ فاحتجاجات الفساد والكهرباء والخدمات ألّفت الشارع العراقي الذي خرج بعد أن فاض كيله، وبعد أن أعياه السياسيون الذين قفزوا إلى المشهد إبان غزو العراق في 2003م دون مشروع سياسي واضح المعالم. والمتمعن في تلك الاحتجاجات ومآلاتها يدرك حجم قلق الحكومة والكتل البرلمانية على حد سواء إذ إنها خلت من شعارات السياسة والطائفة وهو أمر أفقد القدرة على التحكم بها..

المحتجون الذين ساروا إلى ميدان التحرير رفعوا لافتات تعبر عن حالة الضيق والضجر واليأس، وسط أعلام العراق الدولة، وليست دولة الطوائف.

الحالة التي أصابت العراقيين أدت إلى إرباك رئاسة الوزراء التي شعرت بحجم المشكلة والضغط ما جعلها تتخذ قرارات جريئة دون الالتفات لأي اعتبار، بالرغم من تفسيرها وتسبيبها لخطواتها تلك بأنها استجابة للمرجعية الدينية .. فأقصى العبادي نوابه ونواب رئيس الجمهورية، وبلغ الأمر بالكتل النيابية أن أعلنت استعدادها لأي قرار قد يترتب عليه إبعاد وزيرها الذي يمثل تلك الكتلة من الحكومة، ما يعني صراحة تغيير قواعد التمثيل الوزاري المبنية على المحاصصة الطائفية.

تدفع تلك الأحداث، التي نراها اليوم، العراق إلى حالة اصطفاء يقوم بها الفاعلون وأصحاب القرار من أجل امتصاص غضب الشارع العراقي الذي ضاق ذرعاً بهم، ما يمهد لولادة طبقة سياسية جديدة من رحم المطالبات الشعبية، أو على الأقل خروج وجوه ما بعد الغزو الأميركي لصالح وجوه جديدة، فمن غير المحتمل أن يتم توزير وجوه معروفة في المشهد السياسي، وإن كان الشارع العراقي قد تم تطييفه بشكل خطير، إلا أنه، وفي لحظة فارقة، نزع ذلك الجمهور عباءة الطائفية إلى أخرى وطنية أكثر اتساعاً وجاذبية تبدو مفاعيلها واضحة، وأكثر قدرة على الإمضاء والتأثير، فالمطالب الشعبية للمواطن العراقي لم يحملها طائفيون أو مؤدلجون بل حملها أناس وطنيون يرغبون تحقيق الحد الأدنى من المتطلبات الإنسانية بعد أن سئموا من سياسيين تدور حول بعض من تصدّروا المشهد خلال الفترة الماضية القريبة علامات استفهام كبيرة، ولعل أبرزهم نوري المالكي الذي يقول عنه نائب رئيس الوزراء الحالي بهاء الأعرجي بأنه أهدر تريليون دولار من أموال العراق..
&