& مطلق بن سعود المطيري

اللغة في السياسة أداة قوة تستخدم في الدفاع والهجوم، وكسر الحواجز النفسية والتفاوضية، فبدونها السياسي عارٍ من السلاح، ووزير الخارجية الأميركي سياسي لدولة عظيمة ولكنه بلا سلاح، فلغته السياسية التي يستخدمها في تصريحاته عندما يصف المواقف المعقده لا تؤهله لتجاوز الظروف المحرجة التي وضعه بها رئيسه المتردد دائماً في المواقف المصيرية في منطقة الشرق الأوسط، آخر تصريح عاجز للسيد جون كيري عندما طلب مساعدة روسيا وإيران لدفع النظام السوري لطاولة المفاوضات لأنهما حسب وصفه أصحاب النفوذ في الشام، السياسي المتمرس لا يقبل بموضع القضايا المعقدة في اتجاه واحد إن كانت دولته هي صاحبة الاتجاه الآخر، فالمعلن في سياسة واشنطن أنها صاحبة الاتجاه الذي لا يرى حلاً سياسياً في سورية بوجود الأسد وروسيا عكس ذلك.. فإن كان يقصد تحميل إيران وروسيا مسؤولية أخلاقية عن الوضع في سورية، فهو بهذا أعطاهما العذر السياسي المتمثل بنفوذهما الذي لا يقهر أو ينافس، فالنفوذ قوة والدفاع عنه أمر طبيعي، فكيف يطلب وزير خارجية البيت الأبيض من روسيا أن تفاوض نفوذها في سورية!، فأي قارئ عادي لهذا التصريح سيطلب من وزير الخارجية الأميركي بتوفير الجهد والتصريحات لأن الأمور كما وصف ليس بيد دولته..

طهران في زمن الشاه يطلق عليها الغرب شرطي المنطقة، وطهران في زمن الملالي هي إرهابي المنطقة ولكنه يتمتع بحصانة دولية تمنع عنه الاتهامات والمحاكمات، إرهاب طهران مصلحة سياسية وليس عقيدة دينية متطرفة، لذا قبل به الغرب وأقر لها بالمصلحة وطلب منها المشاركة فرمت بوجهه شروطها، ولها بهذا تاريخ يؤكد للغرب صدقها بالمصلحة والمشاركة، ففي احتلال العراق 2003، مارس إرهابه على الشعب العراقي بمشاركة أميركية وعندما انسحب الجيش الأميركي من العراق 2011 ضمن لواشنطن مصالحها بعد الانسحاب، والتعاون الأميركي الإيراني في العراق ترويه ألف قصة ومأساة وهو كما وصفه المغفور له بإذن الله الأمير سعود الفيصل: "أميركا تسلّم العراق لطهران على طبق من ذهب"، ومن أكبر المآسي التي تشاركا بها هو فرض نوري المالكي رئيساً للوزراء بعد هزيمته الديمقراطية أمام إياد علاوي 2009، وتفكيك القوى العشائرية أو ما يسمى بالصحوات التي هزمت القاعدة في 2007 وطردتها من الأنبار، لكي يعود الإرهاب في مناطق السنة بدون مقاومة تتصدى له..

في سورية طهران تشتري المنازل في دمشق والمزارع والمزارات المقدسة وتخطط إدارياً للإمساك بكل مصادر الحياة في الشام، وروسيا وضعت لها مطارات وقواعد عسكرية وأسلحة ثقيلة، مشهد شبيه بالوضع في العراق 2003 ولكن مع اختلاف بشكل كاركاتوري فالمطلوب بسورية إزاحة الشعب والإبقاء على النظام، في حين كان الهدف في العراق إزاحة النظام، فالشعب السوري الذي لم يهاجر سوف ينظم أو يتهم بأنه إرهابي داعشي أو أي مسمى إرهابي يلحقه بالجماعات المقاتلة، فروسيا تكفلت بقتالهم في السابق والآن تجهز للعملية الأخيرة التي ربما تسلم بها الشام لإيران على طبق من ذهب.