سعد الحميدين

&&عندما تحدث المشاكل والحوادث التي يتعرض لها الإنسان، أو يكون عرضة لها بسبب ما جاء نتيجة صدفة أو خلل أو تعمد، فإن أول شيء يتوجب أن تكون بداية المعالجة خاضعة للعقل وإعماله في البحث عن السبب والمسببات دون تشنج أو رمي بالكلمات على طريقة الرشق أو استغلال الحدث لتفريغ ما يعتمل في الأنفس المغرضة ذات النوايا السيئة.

إن ما حدث في منى من تدافع أدى إلى إزهاق أعداد من الأرواح البشرية من المسلمين الذي جاؤوا من كل فج لأداء مناسك الحج يعتبر حقيقة حالة مقدراً لها أن تحدث وحدثت، ولم تكن ضحاياها من فئة معينة من بلد معين، أو طائفة معينة، فالذين لاقوا وجه ربهم ينتمون إلى دول عديدة، فيتوجب والحالة هذه أن تسود الروح التي تعمل العقل وتدرس الأسباب لكي تدرأ تكرار مايحدث في كل تجمع بشري كبير لأنه عرضة في حالات كثيرة إلى احتكاكات وتدافعات، ووفيات عديدة، مهما كانت سعة المكان فما بالك إذا كان المكان محدوداً طبيعياً كالمشاعر المقدسة، وكانت الأعداد البشرية المجتمعة كبيرة تفوق الإحصاء، فمع أن هناك خططاً تأتت بعد دراسات تتطور وتأخذ من كل موسم حج عبراً ودروساً للعمل على راحة ضيوف الرحمن القادمين من كل حدب وصوب من مشارق الأرض ومغاربها وكثرتهم من كبار السن، فالدراسات تطبق وكل عام نشهد جديداً مما يضيف الراحة والانسيابية في تحرك هذه الأمواج البشرية في أيام معدودات، وأماكن محصورة ومحدودة، ومع هذا تمر السنون وتكاد الحوادث لا تذكر إلا لماماً، ولكن ما حدث هذا العام استثناء كان له وقعه على نفوسنا جميعاً، فهو قضاء وقدر ولا راد لقدر الله سبحانه، غير أن هناك أنظمة حددت لتحرك الحجاج في التفويج بعد دراسات عديدة متى ما سارت عليها هذه الجموع ضمنت بإذن الله السلامة، لكن عندما تكون هناك تعندات وعدم تقيّد بخطط التفويج لأي سبب فإن الحوادث ستحصل وستربك الحركة وقد تتحول إلى كوارث، وهذا ما يشار إليه بأن عدم التّقيد بطريقة التفويج في خطة سيرها وساعاتها المحددة من بعض الحجاج الذين تدافعوا فكان التلاقي مع موجات بشرية أخرى كانت سائرة في طريقها الصحيح المحدد حسب الوقت والطريق المحدد.

حدثت الواقعة، وعاش من كتب له البقاء، ولاقى وجه ربه من اختاره الله، ولكن بعض الألسن تتلفظ وتقول وتحمّل المسؤوليات، وهذه الألسن تتحدث عن بعد وتكرر ما يقال دون أن يكون لها علم بالمكان وطريقة التسيير فيه وماهو العدد والأعمار، ولكنها تقول مايراد منها، فعندما تحاول بعض الجماعات أن تخفي الحقائق وتستغل الفرصة للنيل من المملكة بأساليب بذيئة تفوح منها رائحة الحقد وربما المساهمة في تفاقم الحادث، وهذه ليست وليدة هذا العام فقط، وإنما كانت منذ أعوام قامت بأفعال علنية وأخرى بمأجورين ومستأجرين لتشوية موسم الحج وتعكير الروحانيات والتكبير والتهليل في أقدس القداسات وذلك لأغراض سياسية ليس هذا ميدانها أو مكانها، فهناك منظمات وهيئات يتوجب أن تكون المناظرة والمواجهة فيها أمام العالم في المنظمات التي تمثل الدول من أنحاء العالم، ولكن استغلال المشاعر الدينية دون مراعاة لحرمتها وقداستها لا يقدم عليها إلا من لا يعبأ بها.

التاريخ يسجل ويحتفظ بأن المملكة العربية السعودية منذ نشأتها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز مروراً بأبنائه الملوك من بعده إلى العهد الحالي عهد الشهامة والثقافة والبناء والتطور تحت قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز السائر على نهج المؤسس والسابقين، التاريخ يؤكد ان من أول الأولويات والتي يهتم بها القادة هي العمل على خدمة الحرمين الشريفين ومنها التوسعات الكبيرة ومشروعات تنظيم المشاعر وتزويدها بكل مايسهل على الحجيج أداء المناسك، من صحة، وإعاشة، ومواصلات. حيث كل أجهزة المملكة الحكومية والخاصة التي تعمل للحج والحجاج، والمشروعات العملاقة يشهدها الحجاج والمعتمرون والزوار، فكل عام وبعد انتهاء موسم الحج تجتمع لجنة الحج العليا لدراسة التقارير والمقترحات التي تدوَّن بعد موسم كل عام ويُعمل على تحقيق ما يساعد ويسهل معاملات وأمور ضيوف الرحمن وإكرامهم منذ دخولهم حتى انتهاء الموسم، والمسوؤلون ليل نهار في عمل دؤوب مع البذل السخي والإنفاق على كل ماله صلة بخدمة وتسهيل أداء المناسك.

العمل الناجح مشهود والحقائق لا تحجبها الجعجعات المغرضة التي تدس السم في الدسم، فالشمس لا تحجبها المناخل، فرحم الله أموات المسلمين، وأسبغ الله الأمن والأمان على هذا الكيان الكبير والذي أعلن قائده بالعمل على متابعة الحادث المؤسف كما تناقلته وسائل الإعلام ووكالات الأنباء حيث :"أكد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أنه أمر الجهات المعنية بالتحقيق فى ملابسات حادث التدافع بمنى ورفع النتائج له فى أسرع وقت ممكن.

وقدم الملك سلمان خالص العزاء فى ضحايا حادث التدافع بمشعر منى، قائلاً: "أعزيكم وأعزى نفسى فى حادثة التدافع بمنى"، وأضاف خادم الحرمين الشريفين: "وجَّهنا الجهات المعنية بمراجعة الخطط المعمول بها فى موسم الحج".

وأكد الملك سلمان أن خدمة ضيوف الرحمن شرف يعتز به، مشيداً بحماة الوطن على الحدود الذين يضحون بأرواحهم دفاعاً عن وطنهم.

وجاء ذلك خلال استقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية فى الديوان الملكي بقصر منى، عدداً من الأمراء ومفتي عام المملكة والعلماء والمشايخ وكبار المدعوين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والوزراء وقادة القطاعات العسكرية المشاركة فى حج هذا العام".

وفي هذا الخبر ما يوضح مشاعر قائد الأمة الملك سلمان بن عبدالعزيز بكل وضوح وشفافية (دام عزك ياوطن) قيادةً وشعباً في ظل الأمن والأمان.