&&بدر الخريف

فقد الوسط الصحافي والإعلامي في العاصمة السعودية الرياض، أمس الكاتب والصحافي السعودي، راشد الفهد الراشد، الذي توفي بعد معاناة مع المرض، بعد رحلة حافلة في الصحافة السعودية في بداية عهد المؤسسات. واعتبر الراحل أحد رموزها في هذه الحقبة مستذكرين المحطات التي مر بها الفقيد طوال تاريخه الصحافي، الذي امتد لنصف قرن من خلال مطبوعتي العاصمة السعودية («الجزيرة» و«الرياض»)، وحضوره اللافت في الجريدتين المتنافستين. وحمل الراشد هموم الصحافة باكرًا وتنقل بين مطبوعتي العاصمة إلى أن وصل إلى منصب نائب رئيس تحرير جريدة الرياض.

وعاش الراشد في فترة ذات شأن في تاريخ العالم العربي. ومع تقارب اهتمامات الكتاب والصحافيين، تولدت الرغبة عند الراحل مثل بقية جيله بالقراءة الجادة، والتنوع المعرفي، وبتطوير الذات، وهو ما انعكس على مهنيته وأطروحاته الصحافية، فيما يمكن تسميته بالوعي المبكر في مجتمع صغير تغيب عنه أدوات الاتصال المعرفي الحديثة.

وهو ما جعل اللقاءات الشخصية اليومية بين الأصدقاء داخل بيوتات الطين، وفي أزقة أحياء الرياض هي ديدن الأصدقاء وذوي التوجهات المشتركة، وكانت أحياء: دخنة، ومعكال، وجبرة، والبرقية، وسلام، وشوارع الثميري، والوزير، والخزان، والبطحاء، مع حدائق البلدية، والفوطة، والملز، هي محطات اللقاء والسياحة في ذلك الزمن الجميل.

عن ذلك، كتب الراحل هذه الانطباعات والذكريات في حديثه عن زميله في رحلة الحرف تركي بن عبد الله السديري رئيس تحرير صحيفة «الرياض»، التي تولى الراشد فيها آخر محطاته الصحافية نائبا لرئيس التحرير قبل أن يداهمه المرض، ويترجل من الركض في مضمار مهنة المتاعب. قال: «كانت هذه الأماكن وتلك الاهتمامات الحياتية والثقافية هي الجامع والرابط بين روحين كان قدرهما أن ينخرطا في مهنة واحدة، يعيشا همومها ومتاعبها ويقطفا ورد النجاح، ويكتويا بجمر الإحباط والهزائم والخيبات المتوالية بفعل اصطدام أحلامهما وطموحاتهما بواقع مخيف من عجز بعض المجتمع واتكاليته وهروبه من تحمل مسؤولياته في العملية الإنتاجية وصناعة التطوير وتوطين التحديث، وفشله في مواجهة التحديات والتحولات، إلى جانب تواضع وشح إمكانات صناعة فعل العبور إلى واقع مختلف في العيش والتفكير وتعاطي التعامل مع قضايا الشأن العام».

وزاد: «عملنا في الصحافة.. وتميز تركي عن العاملين والمنتمين من جيلنا إلى المهنة في مفاهيم العمل الصحافي وتفرّد بامتلاك أسلوب أخّاذ راقص ولغة باذخة مترفة في مفرداتها واختيار طريقة عرض الأفكار وتسلسل وترابط سياقاتها.. ونشر أول نتاجه الكتابي والقصصي في مجلة (الجزيرة) الشهرية التي كان يملكها ويرأس تحريرها شيخنا وأستاذنا المرحوم عبد الله بن خميس، وكانت قصة بعنوان (الجياع)، ونشر قصة أخرى في صحيفة (الرائد) التي كان يرأس تحريرها عبد الفتاح أبو مدين، الأمر الذي أعطاه تميزًا واحتفاء في محيط الكتاب والصحافيين، وفي جريدة (الرياض) بدأ صعود وتألق عطاءاته المهنية والفكرية، وتولى رئاسة تحريرها في ظروف بالغة الفقر في الإمكانات، وعمل بصبر وجهد مضاعف ونضال لا يطاله إلا المغامرون المؤمنون بأنفسهم في القدرة على تحقيق النجاح والمكاسب العملية، وفي مدة قصيرة نقلها من صحيفة متواضعة إلى كيان شامخ ورمز فكري وثقافي وتنويري ومهني أضاف إلى منجزاتنا المعرفية إبهارًا جديدًا ووضعنا على خارطة الإبداع والخلق والعطاء، تركي السديري قامة كبيرة، سيسجل له التاريخ أنه واحد من الكبار».

&

&