جمال بنون

&حديث ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، نقطتان أساسيتان تطرق إليهما بإسهاب في حواره الأخير مع صحيفة الايكونوميست البريطانية، وهي حديث الساعة في الأوساط العالمية. الأوضاع السياسية في المنطقة متمثلة بالحرب على اليمن، وقطع العلاقات مع إيران، والحرب على الإرهاب ومكافحته. وأيضاً الشأن الاقتصادي بعد تراجع أسعار النفط وانخفاض الدخل، إذ إن أنظار العالم تتجه لمعرفة من أين ستغطي الحكومة السعودية العجز في موازنتها، وكيف ستنفق على مشاريعها التنموية، وتقضي على البطالة الموجودة بين الشباب في ظل عدم وجود مداخيل أخرى.

&

وزير الدفاع السعودي في حواره وضع إصبعه على النقاط التي تبعث بالأمل لكل المهتمين في الشأن السعودي، سواء سياسياً أم اقتصادياً، وأوصل رسالة إلى الداخل أن الاحتياطات التي تملكها المملكة من الأصول، وستة في المئة من احتياطات اليورانيوم العالمية، وأن حجم الديون لا تمثل إلا خمسة في المئة من إجمالي الناتج المحلي.

&

وفي الشأن الاقتصادي العالمي ركز ولي ولي العهد على أن السعودية بعيدة تماماً عن مواجهة الأزمات الاقتصادية، مشيراً إلى أن فرض القيمة المضافة ستسعى الدولة إلى التعجيل بفرضها، مؤكداً أنه ليس هناك ضريبة على الدخل ولا على الثروة.

&

الخصخصة وهي العنوان الأبرز في خريطة الإصلاح الاقتصادي في السعودية، تحدث النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء فيه بإسهاب، وأن الرعاية الصحية والتعليم كانا يستقطعان من موازنة الدولة نحو 40 في المئة، وسيساعد هذا التوجه في تحسين بيئة التعليم والصحة، وتحول مؤسسات الدولة إلى الرقابة والإشراف، كما تدرس الحكومة كذلك خصخصة القطاعات العسكرية، مثل المصانع العسكرية، وهذا القطاع من المهم أن يعمل بطريقة تجارية ويتطور، إذ يمكنه من تغطية الحاجة الداخلية والتصدير إلى الخارج، كما تسعى إلى الاستفادة من الشركات المملوكة لها، وطرح أسهم البعض منها للاكتتاب العام، مثل شركة أرامكو، يقول الأمير الشاب: «إننا نسعى إلى إدخال أصول جديدة إلى خزانة الدولة تقدر بـ400 بليون دولار على مدى السنوات القريبة»، ويتحدث بثقة حينما يقول إنه خلال السنوات الخمس المقبلة ستستطيع الدولة أن تحقق 100 بليون دولار من عائدات غير نفطية.

&

تطرق الأمير محمد بن سلمان في حواره إلى نقاط مهمة يستطيع الشارع السعودي أن يفسرها على أنها خريطة طريق للسعودية ما بعد النفط، وإنها في أول الطريق، ويجب عليها أن تتفاعل مع المتغيرات المقبلة، كما أشار إلى أن الأراضي التي تملكها الدولة وغير مستغلة سيتم الاستفادة منها، إذ تحقق عوائد جيدة للخزانة، ومنها أرض مساحتها أربعة ملايين متر مربع غير مستغلة في مكة، وفي خطوة هي الأولى أفصح وزير الدفاع عن أن هناك توجه للاستفادة من أراضي قوات الدفاع الجوي في جدة ومساحتها خمسة ملايين متر مربع، تبلغ كلفة نقل البنى التحتية 300 مليون دولار، بينما قيمة الأرض 10 بلايين دولار، سيتم الاستفادة منها، وهذا يفتح الباب أمام الأراضي الأخرى لمؤسسات الدولة غير المستغلة ويمكن الاستفادة منها وتحويلها إلى مشاريع تنموية تحقق دخلاً جيداً لخزانة الدولة، وتحدث ولي ولي العهد بإعجاب عن تجربة شركة المراعي وانتشارها وحصتها عالمياً، وهو يأمل بأن يكون لدينا مثلها في القطاع المصرفي، والتعدين، والنفط، والبتروكيماويات.

&

عن البطالة والدعم الحكومي، قال محمد بن سلمان: «إن العديد من المجالات ستمنح فرص عمل، وتحاول الدولة إلى الإبقاء على فوائد الطبقات الوسطى، إذ إن المستفيد حالياً من الدعم الحكومي 20 في المئة من الطبقة الوسطى والدنيا، والمستهدف 80 في المئة»، هذا الجانب يشكل أهمية كبيرة لدى السعوديين، وفق الإحصاءات الرسمية فإن النسبة الكبيرة من العاطلين من العمل تتركز في النساء، وتعاني معظم قطاع العمل الخاص من تدني المرتبات، و للمرة الأولى يتحدث مسؤول رفيع في الدولة عن حجم العمالة الوافدة الموجودة، وقال لدينا 10 ملايين وظيفة يشغلها غير السعوديين نستطيع أن نلجأ إليها، وهي إشارة إلى أن هناك رغبة أكيدة في تقليص العدد، وتنظيف سوق العمل من العمالة الرديئة وغير المهنية، والحرص على المهن العلمية والهندسية.

&

وفيما يتعلق بمشاركة المرأة ودورها في عجلة التنمية، تحدث ولي ولي العهد بوضوح وقال: «إنه ليس هناك معوقات أو عقبات في طريق النساء لتعزيز مشاركتهن والعمل». هذه إشارة واضحة وأكيدة تبين رغبة الجهات الحكومية في منح مزيد من الفرص لممارسة المرأة السعودية أنشطتها التجارية، وأيضاً ممارسة العمل.

&

اختتم الأمير محمد بن سلمان حديثه الأول مع صحيفة الايكونوميست بثلاث عبارات كافية لأن ترسل رسائل إلى كل من يهمه الشأن السعودي، وهو أن ضريبة القيمة المضافة التي سيتم العمل بها نهاية هذا العام، ستكون على الإكسسوارات ولن تمس السلع الأساسية التي تلامس حاجة الناس مباشرة. ويقول: «من المهم لنا أن يكون لدينا حرية تعبير، ومهم أن يكون لدينا حقوق للإنسان»، وحينما سأله الصحافي، إذا كانت تريد السعودية الانفتاح الاقتصادي على العالم؟ أجاب: «أنا لست أحاول الانفتاح، أنا منفتح على العالم بالفعل، أنا أقدم الفرص فقط». ولعل المرحلة المقبلة تحتاج إلى المزيد من التفاعل، وفتح مناخ الأعمال، كما تحتاج إلى مسؤولين ووزراء يقرؤون جيداً حديث الأمير وتحويله إلى واقع من دون منغصات.
&