&هيثم باحيدرة

&المدينة الذكية هي تلك المدينة التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز الجودة والأداء والتفاعل بين الخدمات الحضرية، للحد من التكاليف واستهلاك الموارد، وتحسين الاتصال بين المواطنين والحكومة أو مقدمي الخدمات. وتشمل القطاعات التي تقوم على تطوير تقنيات المدينة الذكية كل من الخدمات الحكومية، النقل وإدارة المرور، الطاقة، الرعاية الصحية، المياه والنفايات. يتم تطوير تطبيقات المدن الذكية بهدف تحسين إدارة سير الخدمات الحضرية والقدرة على الاستجابات في الوقت الحقيقي للتحديات والأزمات. ومن المسميات الأخرى التي استخدمت لمفاهيم مماثلة للمدينة الذكية : "المدينة الرقمية"، "المجتمعات الإلكترونية"، "مدينة المعلومات"، "المدينة القائمة على المعرفة"، "المدينة الشبكية"، "المدينة السلكية"، "المدينة الموجودة في كل مكان" وغيرها، ولكن مصطلح "المدينة الذكية" هو الأكثر شيوعا.&

بدأت مبادرات المدن الذكية في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة، حيث ازداد عدد سكان المدن الحضرية في العالم بشكل مطرد، الذي تسبب في إجهاد الموارد الحضرية. والفكرة تتمحور حول تطبيق تكنولوجيات جديدة لمواجهة تزايد التحديات الحضرية مثل حركة المرور، والنفايات، والطاقة، والنقل، والإضاءة، وقوف السيارات، والرعاية الصحية، والعمالة، والأمن. ومعظم المدن من سان فرانسيسكو إلى سيول، من تورونتو إلى طوكيو، بدأت بجهود محلية طموحة لإعادة التفكير وإعادة صياغة الكيفية التي تدعم بها خدمة مواطنيها.

&

والهدف الطموح لبرنامج المدن الذكية ليس فقط لتقديم دعم أفضل للسكان الحاليين والمستقبليين، ولكن أيضا لمواصلة دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز التقدم البشري. وأن تصبح المدن الذكية نموذجا لكيفية بناء شراكة حكومية مع القطاع الخاص في حل مجموعة من المشاكل في العالم حيث يتم تقييد وترشيد استهلاك الموارد على نحو متزايد.&

منذ بضع سنوات كان مفهوم المدن الذكية غير مألوف، واليوم جهود المدينة الذكية جارية في عدد من المدن في مختلف أنحاء العالم في محاولة لمعالجة النمو الحضري، والقضايا البيئية، والصحة العامة، والقيود المفروضة على الموارد. أمستردام، برشلونة، برلين، كوبنهاجن، هونج كونج، لندن، نيويورك، باريس، وفيينا من بين تلك المدن مع الخطط الطموحة في مراحل مختلفة من التطوير والتنفيذ.&

شكل سكان المدن الحضرية في عام 2014 تقريبا 54 في المائة من مجموع سكان العالم، يمثل ارتفاع 34 في المائة من عام 1960، والنمو في استمرار. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2017، معظم الناس سوف يعيشون في المناطق الحضرية، حتى في البلدان الأقل نموا. وبحلول عام 2050، أكثر من 70 في المائة من سكان العالم سيطالب بمنزل في المدينة. هذه الحركة الجماهيرية سوف توجد تحديات عديدة، بما في ذلك ندرة الموارد وتصاعد تكاليف التشغيل. وهنا تأتي جهود المدينة الذكية التي يمكن أن تساعد على تخفيف أو حل مثل هذه المتطلبات.&

فالمشكلات الناجمة عن هذه الهجرة المتوقعة ليست هينة، حيث تضع المجموعات السكانية الهائلة موارد الطاقة تحت طلب هائل، وتتطلب كميات هائلة من المياه، وتولد كميات هائلة من النفايات، وتتطلب إنشاء عدد كبير من فرص العمل الجديدة.

&ويمكن للمبادرات الذكية أن تقدم يد العون. على سبيل المثال، إضاءة الشوارع مع مصابيح LED "الثنائيات الباعثة للضوء" يمكن أن تساعد على خفض التكاليف التي تمثل حاليا ما يصل إلى 40 في المائة من ميزانية الطاقة للمدينة. لهذا السبب نفذت هيئة النقل البري في سنغافورة (LTA) برنامج استبدال إضاءة الشوارع بتثبيت 4000 ضوء شارع LED على 500 طريق، وتهدف إلى حفظ ما يصل إلى 45 في المائة في تكاليف الطاقة مقارنة بالإضاءة الفلورسنت.&

أيضا من المبادرات الذكية التي لها مكان كذلك في المباني السكنية والتجارية، التي يمكن تحديثها وتعديلها لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كما هو حاصل في لندن، في المملكة المتحدة وأيضا بتنفيذ وإلزام البنية التحتية لدعم إدخال 100 ألف من السيارات الكهربائية غير الملوثة.

&

وبالنسبة للمناطق التي تعاني شح المياه، يمكن استخدام أجهزة الاستشعار لإدارة استخدام المياه أو توفير المعلومات المهمة على مستويات تخزين المياه. ففي سانتاندر، إسبانيا، توجد أجهزة لاستشعار رطوبة التربة والكشف عنها عندما تتطلب الأرض ريا مرة أخرى وبهذا يكون استخدام المياه أكثر استدامة.

&

ولأن المدن الذكية يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي، وتساعد على توليد فرص عمل جديدة، وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها، فلا عجب أن يتوقع أن تترسخ برامج المدن الذكية في أجزاء مختلفة من العالم لبناء شراكة بين الحكومات المحلية والقطاع الخاص لتحويل البلديات والاستعداد لمواجهة مستقبل غامض.