&الياس الديري&

ليس من الخطأ تحريك المياه السياسيَّة الراكدة لألف سبب وسبب. ولا من الخطأ أن يبذل الرئيس سعد الحريري جهوداً ومحاولات في سبيل فتح الملف الرئاسي، وفتح الطرق المقطوعة مع المرشَّحين الرئاسيّين والنخبة من المسؤولين، والذين يتقدّمهم في هذا المجال وسواه الرئيس نبيه برّي.

من الضروري، هنا، التذكير بأن بعض الجهات والقيادات والحزبيّات غارقة في "هموم" المنطقة، على حساب إهمالها التام للفراغ الرئاسي الذي يكاد يقوَّض الدولة والنظام والصيغة، بعد تقويضه دورة الحياة الإقتصاديّة بصورة شاملة، ودفع خيرة الشباب والأجيال الطالعة إلى البحث عن سبل العيش في دنيا الانتشار...

من حظ لبنان واللبنانيّين عموماً أن الرئيس نبيه برّي موجود في عين التينة طوال هذه الفترة الحرجة، وإليه يحجُّ كبار المسؤولين والوزراء والنواب والمتزعّمين لاستشارته والحصول على نصيحته ودعمه في أمورٍ أساسيَّة مُلحَّة. لا يمكن تصنيف الرئيس برّي أنه رئيس مجلس النواب وانتهى الأمر، والمجلس معطَّل بدوره. بل يكاد برّي أن يكون المرجعيَّة الوحيدة التي يحجُّ إليها الكبار والصغار، الوزراء والنواب، السفراء الأجانب وسفراء لبنان في الخارج، المختلفون على فلاحة البحر كما المختلفون على القضايا الحياتيّة...

... وجلسات مجلس الوزراء التي لا تنعقد ولا يكتمل نصابها، لو لم يكن هناك مرجع حكيم يُدعى نبيه برّي لما انعقدت إلّا نادراً. بل من الصعب الآن إحصاء القضايا والمشكلات والأزمات، التي ما كانت لتعرف طريقاً إلى الحلول لو لم يكن هناك نبيه برّي.

إنّه رجل الدولة. رجل الوطن. رجل الساعات الصعبة، لا يحتاج إلى شهادات ومدّاحين. لا يفتّش عن مناصب ومكاسب على غرار أولئك الذين لا يتورَّعون عن زجّ لبنان في "حروب أهليَّة" بحثاً عن كرسي في سرايا أو قصر. لولاه لضاع لبنان، يقول الكبار في الشرق والغرب معاً. وأيّاً تكن الأثمان، والأضرار، والأخطار، لا يتردّد الرجل الذي قيل فيه إنه داهية. وكثيراً ما ينجح. على أن ذلك كلُّه لا يمنع من تحميل المسؤوليّة لمعطِّلي البلد، والمؤسَّسات، والدولة، ودورة الحياة العامة، بل الحياة الطبيعيَّة التي خطفتها الخضَّات المُفتعلة، عند عشّاق الرئاسة، مع حسابات ضيّقة وتطلُّعات أضيق، أوصلت لبنان إلى هذه الغابة من الفساد والفضائح. في مثل هذه الحالات يقول الناس إن هؤلاء لا يختلفون عن فوتين التي تبحث في أمور كثيرة فيما المطلوب واحد. لكنّهم لا يختشون. ولا يتورَّعون.

هنا، أيضاً، يبرز دور الرئيس برّي ليتدارك الأمور، ويحول بحنكته ودرايته وحرصه دون السقوط في جب الأفاعي. وستذكر له الأحداث والأيّام كم بذَل من الجهود ليجنّب البلد المصائب والويلات.

المهم، أنّه لم يقصِّر يوماً في انتاج الحلول والعلاجات، حتى بالنسبة إلى الحوار بين طرفين ليس من السهل جمعهما. ولم يتردَّد في إصلاح ما يفسده الآخرون، ولا في معالجة الخلافات الوزاريّة والخضّات الحكوميّة المتواصلة حتى الساعة.

إنّه حاضرٌ دائماً وأبداً. إنّه مرجعيَّة لكل اللبنانيّين، بكل فئاتهم.