معضلة الإصلاح الاقتصادي والمالي (2 2)

خالد الطراح

تضمّنت «الحزمة» مساهمة الدولة في التأمينات الاجتماعية، بحيث يجري تخفيضها إلى نسب متفاوتة وعلى مرحلتين، اعتماداً على الشريحة المستفيدة؛ كالمدنيين والعسكريين ورسوم وزارة التجارة والصناعة والجمارك والطيران المدني.
واستندت «الحزمة» الى دراسات اقتصادية مختلفة تؤكد ان الاقتصاد الكويتي يواجه «عددا من الاختلالات الهيكلية في قطاعات مختلفة، كسوق العمل والتركيبة السكانية وهيمنة القطاع العام على الاقتصاد المحلي».
وحددت الدراسات ان «التحدي الأخطر يتمثّل في الاختلال الحاد في المالية العامة التي اصبحت تنوء بحمل ثقيل نتيجة للعجز الكبير في الايرادات النفطية، ما اضعف قدرة الدولة على الوفاء بالتزاماتها تجاه بنود الانفاق المختلفة».
ومن التوصيات «تأجيل كل الإنفاق الرأسمالي على المشاريع التي لم يتم الالتزام بها» وتكليف جهات حكومية منها جامعة الكويت في مراجعة الدورة المستندية و«تبسيط الاجراءات»، اضافة الى مراقبة برنامج تنفيذ الحزمة الذي يرتكز على فلسفة «التغيير في الهياكل المالية والاقتصادية».
وتضمّنت الحزمة جداول لكل الرسوم والاسعار، مقارنة بالتكلفة الفعلية بتفاصيل دقيقة.
وجاء في التوصيات ضمن آلية التنفيذ ضرورة مواكبة التنفيذ حملة اعلامية تهدف الى توعية الجماهير بأهمية وجدوى برنامج الاصلاح.
في 2001 صدر المرسوم الأميري رقم 78 لسنة 2001 في شأن الاصلاح المالي والاقتصادي، ونص على انشاء اللجنة العليا لتنمية واصلاح المسار الاقتصادي برئاسة صاحب السمو الأمير ـــ حفظه الله تعالى ـــ حين كان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وعضوية وزراء المالية والتجارة والاعلام والشؤون الاجتماعية والتربية والتعليم العالي ومحافظ البنك المركزي وخمسة اعضاء من ذوي الخبرة والاختصاص يرشح احدهم من قبل غرفة تجارة وصناعة الكويت.
انبثقت بعدها لجنة فرعية برئاسة الاخ العزيز الشيخ سالم العبد العزيز نائب رئيس الوزراء محافظ البنك المركزي السابق، حيث كلفت اللجنة المرحوم ـــ بإذن الله تعالى ـــ الاخ العزيز د.أحمد بشارة كاستشاري لدراسة رسوم املاك الدولة ومنها منطقة الشويخ الصناعية.
ومن ابرز التوصيات التي توصلت اليها اللجنة اعادة النظر في رسوم الاراضي الصناعية واملاك الدولة ككل، وفق الموقع والغرض، على ان يتم في ما بعد طرح بيع املاك الدولة بخصم عن سعر السوق بحوالي %25 حتى تستفيد الدولة من ايرادات مشروعة.
الفاجعة في ان التوصيات سالفة الذكر لم تطبق في ما تجتر المالية اليوم نفس المعوقات وبعض الحلول ايضا لكن على مراحل غير مترابطة او بالتقسيط بسبب غياب الارادة في الاصلاح، والثمن الذي تدفعه الدولة اليوم اضعاف ما كان عليه في التسعينات!
يتضح ان المعضلة في الفساد السياسي الذي ولد فسادا اقتصاديا وماليا واداريا وغياب العمل الجماعي للوزراء في مواجهة المخاطر وتكلفة الاصلاح الغائبة، او بالأحرى المغيبة، فالحكومات المتعاقبة رضخت للشارع، أي للرأي العام، بدلا من قيادته ودغدغة مشاعر المواطن حتى اصبح المواطن يتطلع الى المزيد من الاتكال على الدولة والاستهلاك المجاني!