خالد السليمان

شكلت أزمة احتلال الكويت اختبارا حقيقيا لفاعلية مجلس التعاون الخليجي، وكان اختبارا ناجحا، حيث شكل الموقف الخليجي الموحد سياسيا وعسكريا واجتماعيا واقتصاديا الركيزة الأساسية في التصدي للعدوان العراقي وتشكيل التحالف الدولي لطرده من الكويت!

وكان من المنتظر أن تشكل تلك التجربة القاسية انطلاقة نحو علاقات أكثر تلاحما ورؤية أكثر تركيزا على المستقبل وتحدياته وحاجة دول المنطقة لتوحيد قواها لمواجهة التهديدات والأخطار التي تتهددها، وخاصة مع العدائية الإيرانية المعلنة والعدوانية العراقية التي لم تختف رغم سقوط النظام البعثي! 

 ولكن هذا لم يحدث، وأهدر المجلس أكثر من ٢٠ عاما في علاقات مد وجزر ساهمت فيها مواقف سياسية لبعض دول المجلس شكلت نشازا في نغمة العزف الخليجي، واليوم بعد سنين طويلة أدركت الدول الخليجية أن توحيد الرؤية وتنسيق المواقف لم يعد خيارا بل ضرورة تفرضها ظروف وأحداث المنطقة التي تشهد إعصارا قد يغير خارطتها السياسية وهويتها الاجتماعية!

وعندما تحركت دول المجلس في أزمة اليمن برهنت على قدراتها كقوة إقليمية مؤثرة لا يمكن تجاوزها في تشكيل هوية وحدود نفوذ المنطقة، كما أن قادة دول المجلس باتوا على قناعة بأن الاتحاد هو السبيل الوحيد لمواجهة واقع شرق أوسطي جديد تجاوزت فيه إيران حدودها، ووضعت فيه روسيا أقدامها، وفقدت فيه أمريكا هيبتها!

وعندما نتحدث عن الاتحاد فإننا لا نعني توحيد السلطة السياسية وإذابة الكيانات، وإنما اتحاد المواقف وتوحيد الرؤية، فالمسألة لم تعد رفاهية شعارات وأناشيد تداعب الأحاسيس، بل مسألة وجود ومستقبل هوية!