راجح الخوري
عندما وقف باراك أوباما أول من أمس في قاعدة ماكديل متحدثاً في كلمة وداعية عن نهجه في الحرب ضد الإرهاب، كانت نيران المعارك المتداخلة ضد الإرهاب منظمات وأنظمة تتصاعد في مناطق واسعة من الشرق الأوسط.
قاعدة ماكديل تعتبر مقر قيادة القوات الخاصة والقيادة المركزية للقوات الأميركية في الشرق الأوسط، ولطالما شهدت تناقضات واسعة بين من يدعون الى تدخل أميركي أكثر حزماً وفاعلية في مواجهة تفشي ظاهرة "داعش" الارهابية، ومن يتبنون شعارات اوباما التي رفعها منذ وصوله الى البيت الأبيض، أي محاولة الإنسحاب من ميادين القتال الخارجية بعدما كان سلفه جورج بوش ذهب بعيداً في حروب الخارج .
مع سقوط حكم "الإخوان المسلمين" في مصر، سقط المشروع الأميركي الذي كان يهدف الى تسليم المنطقة الى الإسلام السياسي، وكان من نتيجة هذا ان ادارة أوباما إلتفتت الى الصين، وتعامت عن جرائم الإرهابيين في العراق وليبيا ثم في سوريا، من موقع الذي لا يريد ان يلعب أي دور ميداني. وحتى بعد ذبح الصحافي جايمس فولي الذي أثار غضب العالم كله، إكتفى اوباما بأصدار بيانات إنشائية، وحتى عندما قصف النظام السوري غوطتي دمشق بالسلاح الكيميائي، وهدد أوباما بتوجيه ضربة عقابية لم يلبث ان تراجع مبتلعاً خديعة فلاديمير بوتين الذي سيجتاح المنطقة.
المثير ان أوباما لم يتردد في كلمته الوداعية في الحديث عن إستراتيجيته لمكافحة الإرهاب وعن نهجه في الحرب، في حين ان من المعروف ان نصف العاميلن في إدارته ومعظم وزراء الدفاع الأميركيين السابقين يوجهون اليه منذ أعوام إنتقادات قاسية وإتهامات صريحة بأنه لا يملك أي إستراتيجيا صالحة لمواجهة الإرهاب، وحتى لوقف المأساة كما يحصل في ليبيا والعراق وسوريا.
الشعار الأبرز في سياق انتقاد سياسة التردد والقعود الأميركية هو قول سفيره السابق في سوريا روبرت فورد: ما هو أسوأ من الإفراط الأميركي في التدخل الخارجي الإفراط الأميركي في الإنكفاء عن المسرح الدولي الذي أصبح خالياً أمام بوتين، والذي يضع لمساته العسكرية في القرم ثم أوكرانيا ثم سوريا، ويعيد فتح خطوط موسكو مع القاهرة وأخيراً مع طرابلس الغرب.
نهج أوباما في الحرب على الإرهاب؟
يكفي ان نتذكر قوله في ١١ ايلول من عام ٢٠١٤، بعد الإعلان عن إنشاء التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، إننا أقمنا تحالفاً دولياً من ٦٤ دولة لمحاربة "داعش"، ويكفي ان نتذكر بعد مرور عامين ونيف على حرب يفترض ان ٦٤ دولة تخوضها ضد "داعش" ان تحرير الموصل مثلاً يحتاج الى مزيد من الوقت ومزيد من الضغائن المذهبية التي قد تؤسس لما هو أشنع من "داعش"، وعلى رغم كل هذا لا يجد أوباما حرجاً في المفاخرة بتحالفاته وإستراتيجيته!
التعليقات