عبدالله بشارة 

تعالت أصوات النواب في جلسة الرياضة موجهة إلى وزير الاعلام بتهديدات منصة الاستجواب، وقبلها بأيام أطلق نائب آخر تهديداً بأنه سيوقف رئيس الوزراء على المنصة، إذا لم يحل معلقات الجناسي، بكلمات لا تليق بمقام الرئيس ووزرائه، فالرئيس يملك ستاراً ثلاثياً يحميه من كل تصغير، خرج من تربة عالية، ونظافة ضمير زاهية، وأخلاق آسرة، وعيب أن يتعرض لشيء مغيث ممن لا يحسنون أدب الكلام، وهذه الظاهرة اشتكى منها الجميع، لتأثيرها السلبي على صورة المجلس وتعريتها للمستوى الثقافي داخل القاعة.
لا أعرف مسببات توزير سلفيين أو اخوان مسلمين أغلبهم عاجزون عن التوافق مع معطيات الدولة الكويتية المدنية، التي صنعها المؤسسون باعتدالية فيها رحابة الاقتباس، وفيها تسامح التعايش، فلا توجد قاعدة جماهيرية لأي من هذين الطرفين تبرر تواجدهما في المكون الوزاري، ونادراً ما تتوافر لهما نزعة الانسياق مع التوجه العام للمجتمع، ولا توجد في الكويت املاءات حزبية لتشكيلة ائتلافية، وكان يجب حصر التشكيل الوزاري الأخير في مرشحين لا يخضعون لقيود الاسلام السياسي أو السلفي أو غيرهما من الالتزام الجامد.
وسيجد سمو رئيس الوزراء طلبات جاهر بها نواب العودة، وبعض الجدد في الاصرار على أولوياتها، إعادة الجنسيات، وقرارات الاساءة، وزيادة التعرفة، فإذا تعامل النواب معها بالهدوء وسعة الصدر، فسيكون الأمر هيناً، فعلى وزارة الداخلية أن تكشف الحقائق، وتواجه التساؤلات بوضوح، لكي يكون السحب قانونياً ومقنعاً، فالدستور لا يقبل الازدواجية، وعلى الداخلية أن تحدد التزوير وتكشف الازدواجية من دون تردد، مع طرح كل الملابسات، حول سحب الجناسي.
نحن نردد بأهمية الشفافية في صلابة الحكومة، وندرك فوائدها في ترسيخ الترابط، وعلى الداخلية كشف الغموض، لكي لا تتصاعد الاشاعات وتنتشر الوشايات.
أما قانون الاساءة، فهو دخيل على تراث الكويت، وثقيل على أنفاسها، فمصيره متروك لقرار المجلس العارف بأن المجتمع الكويتي يقدس الذات الالهية، ويبجل المقام السامي بتلقائية تاريخية، فلا ضرورة إلى اضافات.
تبقى التعرفة الخدماتية، التي تتحكم فيها مداخيل الدولة، وأسعار النفط وأثقال الدولة الريعية، وتضخم الميزانيات وتورم الرواتب، مع بطالة كويتية تتنافى مع عقود الوافدين، كل هذه العناصر تدفع النواب نحو التساؤل عن الجدية في الترشيد، ويأتي دور وزير المالية في التحضير المقنع حول ضرورات الاقتصاد وتخفيض سقف الكماليات، وترتيب الجدول المالي وفق الأولويات، مع تفاصيل عن حتمية عقلنة النفقات والبدء في التوفير.
هذه ليست تعقيدات تزعج رئيس الوزراء العارف بالمزاج الشعبي المعارض للتطرف والمبالغات، والمعترض على سلوكيات التأزيم والناظر بقلق الى اضطرابات المنطقة بإرهابها المدمر، وطائفيتها المشرذمة، وراديكاليتها المهدمة، واستبدادها المتوحش، وايديولوجيتها المحطمة، فكل أبناء المجتمع على وعي باحتمالات الانفجار، ويريديون من النواب تغليب المنافع واظهار الحساسية الوطنية بالهدوء والركادة والثقة بحصانة الوحدة الوطنية، مع قراءة واجبة لأحداث حلب، التي فشل فيها عالم اليوم في حماية المبادئ الانسانية التي يحتضنها، وبروز نشوة انتصار ايرانية راديكالية، وتحالفات تركية ــ روسية، إضافة إلى التواجد العسكري الايراني، وتعويم شرعية النظام السوري، وتسلل إيران نحو اليمن.
هذه لائحة خشنة أمام سمو الرئيس، العارف بأن سخونة اليوم تستدعي نهجاً قوياً في القيادة يعززه الايمان بالمسؤولية، والصدق مع النفس، والوضوح في الطرح، وله دعم من الرأي العام، الذي لن يسكت عن الذين يسكبون الزيت على النار، ولن يسمح لمن يشغل البلد باستعراضات فيها استرضاءات شعبوية تسبب أزمات.
سيجد رئيس الوزراء الثناء الشعبي القوي، ففي ارتفاع ادائه بالحزم والعزم، يؤكد استقرار الكويت، ويحافظ على السلم الاجتماعي، ويعزز المسيرة الديموقراطية.