عبد الله آل هيضه

لطالما حذر سياسيون لبنانيون من تداعيات تمادي حزب الله في استهدافه للسعودية، خاصة أن الرياض لم تتخلّ يوما عن القيام بمد يد العون والمساعدة للبلد المتعاركة فيه الأحزاب، لكن الرياض اتخذت قرار إيقاف الدعم العسكري عن الجيش وقوى الأمن اللبناني، دون أن تجعل الموقف مشابها لموقف الحزم الدبلوماسي مع إيران.&

وزير خارجية لبنان، جبران باسيل، وجه لبنان في الخارج، وفي الداخل أيضا يعكس حال التردي الكبير في مفاصل القرار اللبناني، امتنع عن التصويت في اجتماع مجلس الجامعة العربية الوزاري الذي انتهى إلى إدانة إيران ووقوفها مع السعودية ضد التدخلات الإيرانية، لكن جبران باسيل، كان معترضا مفسرا اعتراضه على «ربط حزب الله اللبناني بأعمال إرهابية» وبدا كمدافع إيراني في مجلس عربي.&

حزب الله في لبنان، الطابور الخامس لإيران كما يصفه مراقبون وسياسيون، يسعى إلى تعقيد حلول للأزمة السياسية التي يعيشها لبنان منذ أكثر من عام ونصف، وفراغ رئاسي وتذبذب برلماني انعكس في أدائه على الوضع الداخلي اللبناني، وعلى موقف لبنان الخارجي، الذي يحاول تجنيبه وحدة الصف العربي والإسلامي القوي والكبير الذي تقوده السعودية، ويجد القبول العام في العواصم الإسلامية.&

فمنذ العام 1989، رفض حزب الله اتفاق الطائف، وظل خارج الحكومات في وقت «الوصاية السورية» على لبنان، لكن بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أصبح الطريق ممهدا أمامه للعب أدوار إقليمية أكبر، وأصبح في البرلمان اللبناني في منأى عن منح الثقة عبر أعضائه لأي حكومة من حكومات سعد الحريري، وظهر أول وزير له في أبريل (نيسان) العام 2005 وهو طراد حمادة، الذي تسلم حقيبة الزراعة، في حكومة نجيب ميقاتي.

&وهدف الحزب منذ أكثر من عشرة أعوام على كسر اتفاق الطائف الذي رعته السعودية وجنّبت عبره لبنان من أزمات عدة، عبر دعوته إلى المثالثة، بديلا من المناصفة المعتمدة على المسلمين والمسيحيين، هادفة إلى كسر قوة المسلمين السنة على وجه الخصوص وكذلك المسيحيين.&

وفي ظل إحكام حزب الله على مفاصل القرار التشريعي والتنفيذي والقضائي، ومحاولة إطالة أمد الفراغ الرئاسي في لبنان، مكرسا نفسه لإصدار قانون جديد للجمهورية، وهدفه تسليم لبنان إلى إيران، حيث يرى مروان حمادة، الوزير السابق والنائب اللبناني الحالي، خلال اتصال هاتفي من لبنان مع «الشرق الأوسط» أنه «طفح الكيل» في لبنان وكذا في السعودية، وقال: إن مصالح لبنان الحيوية مهددة باستمرار طالما حزب الله في الحكومة، معتبرا القرار السعودي بوقف الهبة أنها «تدق ناقوس الخطر وتذكّر اللبنانيين بمصلحتهم ومصيرهم وانتمائهم العربي والالتزام به وفق بيان الطائف»، وهي إشارة إلى اللبنانيين ألا يسمحوا بإعطاء إيران حصة من حكم لبنان.

&وطالب حمادة، باستقالة الحكومة اللبنانية بحكومة تصريف أعمال حتى لا يحمّل لبنان بالكثير من الأزمات، وأشار إلى أن الحكومة ومعها وزير الخارجية تحولت إلى غطاء لتدخل حزب الله في سوريا رغم أن البيان الوزاري ينص على النأي بالنفس، وتساءل كيف يمكن للعرب أن يثقوا في لبنان في ظل تمادي حزب الله في إجرامه في سوريا، وهجوم حسن نصر الله على المذهب الإسلامي العالمي.&

دور السعودية في لبنان محوري، فهي تسعى دوما إلى الوقوف معه في أزماته، وضمان الحياة السياسية المستقرة. منذ التاريخ وحتى اليوم، لقد شاركت السعودية، بكتيبة أمنية خاصة من ضمن فريق «القوة الأمنية العربية» في العام 1975، وقد ساهمت تلك الكتيبة في تعزيز الأمن حول عدد من المنشآت الدبلوماسية لعدد من الدول وتسيير دوريات أمنية لفض الاشتباكات بين المتظاهرين، إضافة إلى حماية وتوزيع الإعانات الإغاثية والإنسانية للمتضررين. وتحولت تلك المشاركة السعودية التي تمت عبر جامعة الدول العربية إلى قوة «الردع العربية».

&لقد كانت الرياض ذات دور ممتد لا مرحلي في محاولتها إنهاء الصراع والحرب الأهلية في لبنان منذ 1975 وانتهاء باتفاق الطائف التاريخي في العام 1989 وكانت وسيطا مقبولا من أجل التوصل إلى الحل التاريخي الذي لا يزال اليوم صامدا في وجه كل الوكلاء الذين يسعون إلى إسقاطه، وفي العام 1976 استضافت الرياض قمة شارك فيها زعماء مصر وسوريا والكويت ولبنان وفلسطين، وكان الهدف المباشر لهذه القمة معالجة أحداث القتال في لبنان بين اللبنانيين أنفسهم وبين بعض اللبنانيين والفلسطينيين.&

ومر المؤتمر السداسي بين الدول ذات العلاقة والداعمة للمواقف السعودية في سبيل التوصل إلى حل ينهي الصراع بعدة مدن أوروبية من أجل الوصول نحو اتفاق الطائف الكبير، الذي أصبح الملاذ الأول والأهم في تاريخ لبنان وأنهى حالة من التشرذم والقتل بل وعزز من الدور المحوري للرياض إضافة إلى القاهرة في تحقيق الحلول في العالم العربي.&

&