&المقدسي وأبو قتادة وأبو سياف بعد «مداهمة إربد»: الصمت ممكن مع الإعلام لكن أزمة التيار السلفي مقبلة وبقوة

طارق الفايد

امتنع قادة التيار السلفي الجهادي في الأردن وتحديدا الجناح المناصر فيه لجبهة النصرة عن التعليق أو الحديث حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة إربد في شمال المملكة من مواجهات مسلحة وقعت مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء اثر عمليات دهم نفذتها قوات الأمن بحثا عن مسلحين قيل رسميا بأنهم ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية، أدت إلى مقتل سبعة مسلحين وضابط برتبة نقيب وإصابة أربعة من زملائه وجرح نحو عشرة آخرين من الجانبين في نتائجها البشرية المباشرة. لكنها وعندما يتعلق الأمر بحسابات ملف التيار السلفي الجهادي في الأردن وحتى الجماعات الإسلامية تطوى صفحة وتفتح أخرى جديدة وتعيد إنتاج المشهد السلفي برمته في الأردن على أسس وإعتبارات مختلفة خصوصا، وانها أول عملية تواجه خلية تتبع تنظيم الدولة الإسلامية في الساحة الأردنية المحلية.


«القدس العربي» حاولت الاتصال بقادة التيار السلفي الجهادي لأخذ تصريح حول ما حدث في مدينة إربد ولكن دون جدوى، حيث أكد بعضهم أنهم لا يريدون الحديث في الموضوع نظرا لحساسية الموقف، فيما امتنع آخرون مثل أبو قتادة وأبو محمد المقدسي وأبو سياف من الرد على الاتصالات المتكررة خصوصا تلك التي أمطرهم بها الصحافيون.
تعليق بسيط نقل عن الشيخ أبو سياف القيادي البارز في التيار السلفي الجهادي تحدث فيه عن المستهدفين في مداهمة إربد بإعتبارهم جميعهم «سلفيون» دون ان يحدد أي صنف من السلفيين يقصد ودون ان يحدد ما إذا كانا فعلا برأيه ينتمون لتنظيم الدولة.


الصمت وتجنب التعليق في مواجهة الصحافة ممكن ومحتمل وغير مكلف اليوم بالنسبة لمراجع سلفية في الأردن مثل الشيخين المقدسي وأبوقتادة، لكنه بتقدير شخصيات داخل التيار الجهادي قد لا يكون متاحا بعد قليل ضمن تداعيات حادثة إربد وقد يصبح ممنوعا لإن السلطات الأمنية الأردنية ستضغط لتشكيل موقف من هذه المرجعيات.
المسألة الأكثر تعقيدا والتي يتصور الخبراء انها ستطالب السلفيين الجهاديين بتحديد موقف تتمثل في الجانب الشرعي من قصة الأرض الأردنية كمقر ومستقر للعمل الجهادي الدموي أم لا تنطبق عليها المواصفات الشرعية، خصوصا وان تنظيم الدولة وفي تجميعه لخلية إربد خالف هذه القاعدة المتوارثة وهو ما فعله في تاريخ الصراع مع التنظيمات الجهادية الأردني أبو مصعب الزرقاوي فقط عام 2006 فيما عرف بتفجيرات الفنادق.


عقب المواجهات في اربد مع خلية داعش الجديدة والتي استمرت منذ مساء الثلاثاء حتى فجر يوم الأربعاء، أعلنت دائرة المخابرات العامة الأردنية عن إحباط «مخطط إجرامي وتخريبي» مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية ضد أهداف مدنية وعسكرية في الأردن.
وعلمت «القدس العربي» من شهود عيان أن قوات الأمن عملت على تمشيط وتنظيف المنطقة، فيما سمعت بين الحين والآخر أصوات العيارات النارية بكثافة في عدد من شوارع المحافظة القريبة من الحدود السورية، وسط تواجد كثيف لقوات الأمن التي حثت المواطنين على عدم التجمهر في مواقع الاشتباك حفاظا على سلامتهم، لاسيما على مقربة من أحد المواقع التي تحصن بها المطلوبون.
واضطرت السلطات الأمنية، وفي ضوء المقاومة العنيفة للمسلحين، لاستعمال طائرات مروحية وإنزال مظلي، وترددت أنباء عن قصف بناية تمترس فيها المسلحون بالصواريخ للسيطرة على الموقف، بعد اشتباك مسلح دام لأكثر من سبع ساعات.
بحكم هذه التفصيلات تعتبر العملية واحدة من الأكبر ضد الخلايا النائمة من المتعاطفين مع التنظيمات الإسلامية المتشددة وتحديدا تنظيم الدولة في السنوات القليلة الماضية.
ما حدث في إربد جمع كلمة الشارع الأردني تحت عنوان واحد فقط وهو «التحام الشعب مع المؤسسات الأمنية وتأجيل أي خلاف معها والتنديد بالإرهاب» حيث نشرت آلاف الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تؤيد القوات الأردنية، فيما ترحم البعض على «شهيد الواجب النقيب راشد حسين الزيود» الذي سقط في عملية المداهمات الأمنية.
النائب البارز في البرلمان خليل عطية قال لـ«القدس العربي» أن ما حدث يؤكد وقوف الشعب مع المؤسسات الأردنية في خندق واحد ضد كل يد تحاول المساس بأمن واستقرار البلاد، كما أثبت مدى التحام الشعب مع أجهزته الأمنية حرصا على أمن البلاد واستقرارها.
مثل هذه التصريحات كانت نادرة في إطار السؤال المتردد وسط النخبة الأردنية حول مبررات الإشتباك ضد تنظيم الدولة في الدول المجاورة ضمن قوات الإئتلاف حيث كانت شخصيات متعددة من بينها عطية ضد تدخل الأردن في العراق وسوريا.
حيثيات واقعة مداهمات مدينة إربد تؤشر على أن مثل هذه التساؤلات ستضعف فتنظيم الدولة اليوم يشعل نيران الغضب في الشارع الأردني ويدفع دعاة المشاركة في مواجهتها خارج الحدود بالدولة والنخبة السياسية دافعا قويا لإسئناف التحرك.
في كل الأحوال وبعيدا عن الأجهزة الأمنية الأردنية يمكن القول ان تحشيد تنظيم الدولة لخلية من 20 شخصا خططت لتضرب في الساحة الأردنية يمهد لعودة الأردن كعضوفاعل وناشط في مجتمع الإئتلاف الدولي ضد الإرهاب الذي يستعد لمواصلة نشاطه في كل من الرقة السورية والموصل العراقية وسط تراجع مرجح للرأي الداخلي القائل بعدم التدخل.

&