&&مشاري الذايدي&&

كان مجلس التنسيق السعودي - المصري، برئاسة الأمير محمد بن سلمان من الجانب السعودي، والمهندس شريف إسماعيل من الجانب المصري، هو الرافعة المتينة التي صعدت عليها عربة الزيارة الملكية الناجحة لمصر، التي انتهت قبل يومين.

نقول زيارة ملكية ناجحة، لأن الملك سلمان بن عبد العزيز، دشّن مرحلة جديدة مفيدة وعملية بين السعودية ومصر، وهما عصب الأمة العربية، كما عبّر رئيس البرلمان المصري.

ملفات اشتغل عليها الجانبان عدة أشهر، وبعضها، مثل موضوع الجسر البري، وترسيم الحدّ البحري، عمره عدة عقود من السنين، وليس وليد الزيارة، ذات البضعة أيام، وهي ليست مرتجلة وعفوية، كما يوهم بعض أبواق جماعة الإخوان، و«الثورجية» المصريين، ومن «يعوم على عومهم»؛ من سعوديين ومصريين.

مسائل حول بيئة الاستثمارات السعودية «الآمنة» في مصر، وأيضًا إشكالات تتعلق بمسألة العمل في السعودية، بالنسبة لليد المصرية العاملة، يرى الطرف الحكومي الرسمي وجوب حمايتها وتوفير أفضل الشروط لها.

ولديك مسألة كبرى، وهي الاستثمار الاستراتيجي التنموي في سيناء، وهو ما ركزت عليه المبادرات السعودية، وذاك خير ترياق يجفف مستنقع الجماعات الإرهابية.

الآن والملك سلمان يقود وفدًا كبيرًا لزيارة تركيا، يحضر خلالها قمة إسلامية، أعلن مجلس الوزراء السعودي موافقته في جلسته الأخيرة، الاثنين الماضي، برئاسة نائب خادم الحرمين الشريفين الأمير محمد بن نايف، على إنشاء مجلس التنسيق السعودي - التركي، وتفويض وزير الخارجية بتوقيع الاتفاق.

هناك مصالح مشتركة بين السعودية ومصر؛ اقتصادية وسياسية، وتعاون في التصنيع العسكري والمقاولات، وغير ذلك.. والأهم؛ سياسيًا وعسكريًا، توافق مؤثر، نضج مؤخرًا، بعد غموض ساد لسنين، في الملف السوري، وأصبحت السعودية وتركيا هما الطرف الأقوى في هذا الشأن، ضد المشروع الإيراني الروسي في سوريا.

هذا، وغيره معلوم، وقد قال رئيس الجمهورية التركية رجب طيب إردوغان، بعدما قلّد الملك سلمان «وسام الجمهورية» تكريمًا له، مخاطبًا إياه: «لقد أوليتَ اهتمامًا كبيرًا لاستقرار وطمأنينة المنطقة، وكنت بمثابة صمام الأمان».

هذا الرأي يعبّر تمامًا عن المكانة الفريدة التي يتمتع بها الملك سلمان والسعودية، وقد يكون معبرًا أن تأتي هذه الزيارة لتركيا بعد مصر، ولكنا نعلم عمق الخلاف بين مصر وتركيا، منذ هبّة الشعب المصري ضد حكم الإخوان، ومبالغة الإدارة التركية في نصرة الجماعة. وكلام الأتراك معروف، وكلام المصريين معروف. ولا موجب لتكراره. وموقف السعودية، كما هو معلوم، أقرب لمصر من تركيا في هذه المسألة.

بكل حال، فهذي مشكلة حقيقية، وليست وهمًا، والسعودية، حسب فهمي، تدرك ذلك، ولا تسعى للقفز على هذه الحقيقة، لكن يمكن تقريب المسافات في ملفات أخرى.. والسياسة هي فنّ الممكن.

&

&

&

&