ثريا شاهين

بناء على زيارة الرئيس سعد الحريري لموسكو قبل أسبوعين، من المقرر أن تنشط الديبلوماسية الروسية في مختلف الاتجاهات، لا سيما في اتجاه إيران، سعياً الى إحداث اختراق في ملف الرئاسة اللبنانية، حيث إن في الجزء الخارجي في هذا الملف ما يضغط في اتجاه التعطيل.&

وتفيد مصادر ديبلوماسية قريبة من موسكو، أن الروس يتجاوبون مع طلب المساعدة في تذليل العقبات من أمام إجراء الانتخابات الرئاسية، وانهم وافقوا على القيام بدور كبير في استعمال نفوذهم مع إيران تحديداً لتسهيل التوصل الى إنجاز هذا الاستحقاق، في إطار الدور المتزايد لروسيا في سوريا والمنطقة.&

والروس يؤكدون دعمهم للبنان وأمنه واستقراره واستعدادهم للمساهمة في الاتصالات مع كل الأطراف لحضّهم على تسهيل انتخاب رئيس. لكن الروس رغم ذلك، لم يلتزموا بشيء محدد، سوى السعي، والسبب يعود الى أن ضغوطهم على إيران تبقى محدودة، لأن أجندتها في المنطقة وسوريا أيضاً، تختلف عن الأجندة الروسية. وبالتالي، ان هناك أهدافاً لإيران قد تتعارض مع المصالح الروسية والأهداف، حتى في سوريا، ولبنان والشرق الأوسط.&

العلاقات الروسية الإيرانية جيدة، إنما إمكان الضغط الروسي على طهران محدود. الروس، وفقاً للمصادر، يدركون تماماً أن إيران تعرقل انتخاب رئيس في لبنان، وانها تقوم بذلك حفاظاً على مصالحها، من خلال ربطها الملف الرئاسي اللبناني، بالوضع في كل من سوريا واليمن.&

والروس لا يتفقون مع إيران على هذا الأداء، وهم سيتحركون في اتجاهها سعياً للحلحلة، كما أن الروس سيتحركون في اتجاه أطراف أخرى معنية بالملف اللبناني سواء اقليمياً أو دولياً، للمساهمة في حل هذه الأزمة. والروس قدروا الخطوات المتقدمة التي قام بها الرئيس الحريري سعياً الى وجود رئيس، على الرغم من الصعوبات الداخلية التي واجهها، إن داخل فريق 14 آذار، أو من جانب 8 آذار حيث لم يتم التجاوب معه في هذه المبادرة ولم تتم ملاقاته بإيجابية.

&روسيا دولة عظمى مجدداً ولديها مصالح وليست هذه المصالح دائماً متطابقة مع مصالح بعض الدول الاقليمية ومنها إيران.&

الروس في سوريا لا يعنيهم التمسك بشخص الرئيس بشار الأسد، إنما يريدون وفقاً للمصادر أن تسير العملية السياسية وصولاً الى انتخاب رئيس جديد لسوريا. إنما إيران تعتبر وجود الأسد أساسياً في الانتقال السياسي. إنه خلاف كبير. الروس أوقفوا النظام على رجليه، لكن إيران تريد الحرب الى جانبه حتى استعادته سوريا. روسيا تقف الى جانب عدم انهيار المؤسسات في الدولة السورية، لكن إيران تريد أن يبقى الأسد نفسه في السلطة بغض النظر عن أي شيء آخر. روسيا تخشى أن تصبح مؤسسات الدولة السورية منهارة، كما حصل في العراق والصومال. وهم يقفون مع الولايات المتحدة في هذا المجال، كما أن الروس مع أن يكون النظام ايجابياً في التفاوض السلمي توصلاً الى الانتقال السياسي، لكن إيران قد يكون لديها تحفظ على هذه النتيجة.&

وتشير المصادر الى أنه من الصعب حصول حلحلة في لبنان على المدى القريب وإن كان الأمر غير مستحيل. والروس سيحركون الموضوع مرة أخرى، لكن ليس هناك من تفاؤل. إحداث اختراق قد يكون أسهل عندما يتم وضع الحل في سوريا على السكة. طبعاً أي اختراق في لبنان لاحقاً بناء على تحرك روسي، سيكون بالتنسيق مع الولايات المتحدة، وسيكون أسهل أيضاً عندما ينطلق الحل في اليمن ما يعطي مناخاً من التهدئة في المنطقة. المفاوضات اليمنية ستبدأ في الكويت في 18 نيسان الجاري، وهذه نقطة ايجابية في تطور الموقف الإقليمي.&

وتؤكد المصادر، انه عندما يتم وضع تسويات في ملعبي سوريا واليمن، ليس أمام إيران إلا الموافقة في الملف اللبناني، ولن يكون أمامها حل آخر، غير تسهيل انتخاب الرئيس. إيران لديها مصالح ستشكل عاملاً عندذاك لموافقتها اللاحقة. وكل ذلك سيأتي في إطار الالتزام الذي ستبديه كافة الدول الاقليمية بمقتضيات التفاهمات الأميركية الروسية حول التهدئة في المنطقة بدءاً بالملف السوري وفي الملف اللبناني هناك مصالح متضاربة بين الروس وإيران. فروسيا تريد رئيساً مسيحياً منتخباً في أقرب وقت ممكن. أما إيران فتسعى باستمرار الى إدخال هذا الملف في لعبة المساومات.