& شريف أحمد شفيق&

اكتسبت زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد أبو ظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى مصر أهمية قصوى كونها تعزز هذه المرة من تعاونهما فى العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك على الصعيدين السياسى والاقتصادي، كما تعكس أيضا قوة العلاقات المصرية الاماراتية القائمة على أسس راسخة من الصداقة والإخوة والاحترام المتبادل والتواصل المستمر بين قيادتى البلدين.

وجاءت الزيارة بعد مشاركة الشيخ محمد بن زايد فى القمة الخليجية الأمريكية بالرياض مباشرة، وبعد حوالى أسبوعين من زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين إلى مصر، مما يفسر توافق رؤى البلدان الثلاثة ( مصر والسعودية والإمارات) إزاء مجمل قضايا المنطقة، وتمثل صفعة قوية على وجه كل من يحاول أن يشكك فى قوة ومتانة هذه العلاقات.

&فمقولة محمد بن زايد إن فى قوة مصر قوة للعرب جميعا ولقاؤه بالرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذا التوقيت تحديدا يؤكدان مدى حرص الإمارات على الوقوف إلى جانب مصر، مع الأخذ فى الاعتبار أن ما تمر به المنطقة حاليا من مرحلة حرجة وعصيبة لا يمكن مواجهتها إلا بالتنسيق والتضامن بين القوى العربية المشتركة، وفى مقدمة تلك القوى مصر والإمارات.

&لقد أعاد محمد بن زايد خلال هذه الزيارة تأكيد فكرة أن الدعم الإماراتى لمصر هو مبدأ ثابت وأساسى يتسم بالشمول والاستمرارية سواء من خلال الدعم السياسى أو الاقتصادي. ولهذا فإن الامارات تتحرك دائما من أجل عودة مصر إلى دورها المحورى على الصعيدين الإقليمى والدولى خاصة فى هذه المرحلة التى تشهد فيها المنطقة العربية العديد من التحديات. وقد أدى ازدياد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين إلى توثيق التعاون بينهما فى جميع المجالات خاصة المجالات الاقتصادية، الأمر الذى ضاعف حجم الاستثمارات الإماراتية فى مصر، ودفع أبوظبى الى الإعلان خلال هذه الزيارة تقديم 4 مليارات دولار دعما لمصر، منها ملياران للاستثمار فى عدد من المجالات التنموية وملياران وديعة فى البنك المركزي. لقد رأى كثير من المحللين السياسيين أن هذا الدعم يعتبر رسالة قوية أمام كل محاولات الوقيعة التى يسعى إليها البعض مفادها أنه " لانهاية لوقوف الامارات مع مصر". وقد ردت صحيفة " الاتحاد"، أكبر صحيفة قومية فى الامارات على لسان رئيس تحريرها محمد الحمادي، على كل من يتساءل حتى متى هذا الدعم؟ قائلة: « يجب أن يدرك الجميع أن ما تضعه الإمارات فى مصر هو للإمارات ولمصر ولهذه الأمة، فالوقوف إلى جانب مصر ليس له تاريخ انتهاء ولا ختم صلاحية ولا خط نهاية». فى الواقع، فأن دولة الامارات لها موقف واضح وصريح منذ ثورة 30 يونيو، التي أطاحت بنظام جماعة الإخوان المحظورة ، حيث أعلنت صراحة أنها مع أشقائها فى مصر وستدعمهم بكل قوة حتى تتعافى وتسترد مكانتها. وبالفعل منذ ذلك الوقت قطعت الإمارات عهدا على نفسها بضخ المزيد من الإستثمارات وإنشاء العديد من المشروعات التنموية حتى وصل جملة ما قدمته أبوظبى للقاهرة حتى يومنا هذا الى 12 مليار دولار. وقد أكد الحمادى فى عموده أن دعم مصر هو واجب قومي، والإمارات عندما تقف مع مصر فإنها تتذكر دائماً ما قدمته مصر لكل الدول العربية وللإمارات نفسها، مشيرا الى أنه عندما كانت مصر قادرة على العطاء لم تبخل، ولم تتردد ساعة فى الوقوف إلى جانب شقيقاتها الدول العربية، خصوصاً الصغيرة منها وحديثة الاستقلال، ولا أحد يستطيع أن ينكر الدور الكبير الذى لعبه أبناء مصر فى المساهمة بتنمية وتطور العديد من الدول العربية. ومن جانبها، أشارت صحيفة «البيان» الإماراتية، فى كلمة لرئيسة تحريرها منى بوسمرة إلى أن زيارة ولى عهد أبوظبى إلى مصر جاءت فى توقيت بالغ الأهمية تقف فيه المنطقة أمام تحولات جذرية. وأوضحت أن الزيارة جاءت تعبيرا عن علاقات ممتدة وعميقة بين البلدين باعتبار أن مصر صمام أمان المنطقة وزاوية ارتكازها الأساسى وهى رؤية تتركز أهم محاورها فى إدراك البلدين لأهمية الملفات المشتركة والتى من أبرزها أمن المنطقة وضرورة الحفاظ عليه. وفندت بوسمرة ثلاثة تهديدات سياسية تواجه المنطقة، أولها تلك التى تصدرها أطراف محلية وجماعات سياسية مغامرة وثانيها الجماعات الإرهابية ثم الأنظمة الإقليمية التى تأمل فى إثارة الفوضى لتحقيق أجنداتها.

&ومن ناحية أخرى أكد أعضاء المجلس الوطنى الاتحادي، ( البرلمان) أن الدعم الإماراتى لمصر ليس بجديد حيث تحرص دولتهم على الوقوف إلى جانب مصر وتعزيز مكانتها، مشيرين إلى أن العلاقة بين البلدين تاريخية والمصير مشترك، وبقاء مصر قوية بعتبر قوة لجميع العرب. ومن هذا المنطلق أكد سالم الشحي، عضو المجلس الوطنى الاتحادي، أن الأيادى الإماراتية البيضاء كانت وما زالت ممتدة للإخوة المصريين وأن الدعم الاماراتى لمصر سوف يعزز روح المحبة بين الشعبين، مشيراً إلى أن العلاقة بين الإمارات ومصر علاقة أبدية، وأن الإمارات تسعى دائماً إلى دعم الأشقاء فى مصر. كما أوضح حمد الرحومي، عضو المجلس الوطنى الاتحادى أن القيادة الإماراتية لا تتوانى فى تقديم أشكال الدعم كافة، لمصر وشعبها، إيماناً بأن المصير مشترك وأن بقاء مصر قوية اقتصاديا وأيضا فى جميع المجالات هو قوة للعرب لمكانة مصر فى المنطقة، وأن وهذا الدعم يمثل رسالة مضمونها الإمارات ومصر، شعب واحد ومصير واحد.

&فى الواقع، فإن مصر تحظى بمكانة خاصة لدى دولة الإمارات منذ عهد الراحل الشيخ زايد الذى قام بإرساء وتطوير هذه العلاقات. فالعلاقات المصرية الاماراتية لم تتغير على مدار العقود الأربعة الماضية، باستثناء ما أصابها فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى والتى اعتبرتها القيادة الاماراتية سحابة صيف عابرة ما لبثت أن تبددت لتعود العلاقات مرة أخرى أقوى مما كانت عليه. إن دولة الإمارات كانت من أولى الدول التى دعمت مصر عقب ثورة 30 يونيو وجاءت زيارة الشيخ محمد بن زايد لتؤكد استمرارية هذا الدعم.