سمير عطا الله
&
أمامنا خياران: أن ننظر إلى حملة دونالد ترامب ضمن سياقها الأميركي وأبعادها العالمية، أو ننظر إليها في خفة، فلا نرى سوى مهرج ينتقل من حلبة إلى حلبة. قلت: «حملة»، ولم أقل: «معركة»، لأن معركة ترامب منتهية منذ مراحلها الأولى. يومها كتبت أننا نتطلع إلى الجهة الخطأ، فالموضوع ليس ترامب، بل مزاج الناخب الأميركي. والناخب الأميركي يبحث، بعد بلادة أوباما، عمن يعده بالهيبة، ويعده بالتحرك إذا حلقت الطائرات الروسية فوق الأسطول الأميركي، ويعده بعودة أميركا إلى المرتبة الأولى، بدل اللحاق ببوتين ولافروف مثل الخراف.
&
ناخب ترامب الأول هو أوباما. وبعد الآن، سيكون مدير حملته، فيما يفرح أوباما بإطلاق النكات في حفلاته الوداعية. الذي قوّى النازية أكثر من أي شيء آخر كان الشيوعية. والذي دعم الفاشية الإيطالية كان الخوف من الشيوعية الإيطالية. والأميركي يصفق لترامب لأنه انتقم له من ضياع الإدارة وتهافتها.
&
وإذ قلت في البداية إن ثمة سياقًا عالميًا للمسألة، فلأن اليمين الأوروبي سوف يلاقي اليمين الأميركي. وكما حدث في أوروبا عشية الحرب الثانية، لن يبقى هناك معتدلون إلا للتحسر على القيم التي تطرحها الديمقراطية التي تمر في أزمة وجودية فيما كنا نعرفه بالعالم الغربي، وليس فقط في روسيا وأوروبا الشرقية، حيث عادت الديكتاتوريات إلى الظهور، كما في هنغاريا، تحت ذريعة اللاجئين والأزمة الاقتصادية.
&
الأشهر الأخيرة من أوباما هي الأشهر الأولى من ترامب. وإذ أكتب هذه الأيام من نيويورك، على مقربة من روحية المعركة ومناخ الحملة، يخامرني شعور كمراقب خارجي أن أوباما لن ينتخب ترامب فحسب، بل سوف يدمر فرص السيدة كلينتون، المرشح العقلاني في السيرك السياسي الذي ساد البلاد منذ نحو العام.
&
لم يشغل ترامب أي منصب حكومي، أو رسمي، في حياته، وهذه سابقة في تاريخ المعارك الرئاسية. وتتمتع هيلاري كلينتون بخبرة محلية ودولية مهمة، كسيدة أولى، وسيناتور، ووزيرة خارجية. لذا فإن الذين رأوا في ترامب مهرجًا، يرون اليوم أنه حوّل كل شيء إلى دراما. والآتي أكثر درامية.