&عبدالله محمد الشيبة

منذ إنشائه في الخامس والعشرين من شهر مايو 1981 وهو العلامة الفارقة في مسيرة الدول العربية بما يحمل قادته من تطلعات وأهداف استراتيجية، وبما يواجهه أيضاً من تحديات. فقد حدد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في القمة الأولى للمجلس في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة أهدافهم الاستراتيجية، وتتلخص في تحقيق صيغة تعاونية ترمي إلى تأسيس التنسيق والتكامل والترابط بين دولهم في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها. كما تم التأكيد على تعميق وتوثيق الروابط والصلات وأوجه التعاون بين مواطني دول المجلس، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وفي الشؤون التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسياحية والتشريعية، والإدارية، ودفع عجلة التقدم العلمي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكز بحوث علمية وإقامة مشاريع مشتركة، وتشجيع تعاون القطاع الخاص.

وقد توج قادة دول مجلس التعاون الخليجي المسيرة الأسبوع الماضي بإعلانهم تشكيل هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، والتي تضع على رأس أولوياتها تعزيز العمل الخليجي المشترك في المجالات الاقتصادية والتنموية، ومتابعة تنفيذ قرارات واتفاقيات وأنظمة مجلس التعاون المتعلقة بالجانب الاقتصادي. كما ستتخذ الهيئة القرارات النهائية الخاصة باستكمال الاتحاد الجمركي والسوق المشترك. تلك هي الأهداف المعلنة والجهود التي يبذلها قادتنا طيلة خمسة وثلاثين عام بهدف تعزيز أواصر المجتمع الخليجي الواحد على الرغم من السهام والمكائد التي استهدفت إيقاف مسيرة المجلس‏، &وإفشال مخططات قادته.

ولكن برأيي الشخصي أن كافة تلك الأهداف والجهود، في حاجة دائماً للأمن والأمان ليس فقط على المستوى الداخلي، وإنما على الصعيد الخارجي أيضاً. ويقيني أن قادة دول المجلس قد نجحوا إلى حد بعيد في منح مواطنيهم الأمن داخل وخارج الدول على الرغم من مخططات «الجارة المسلمة» إيران الرامية إحداث الفتنة الطائفية وزرع الدسائس وتجنيد العناصر الإرهابية بهدف تدمير جيرانها.

فإنشاء المجلس جاء في خضم الحرب العراقية – الإيرانية (حرب الخليج الأولى)، التي استمرت ثمان سنوات نتج عنها ما يقارب مليون قتيل و400 مليار دولار أميركي خسائر مالية مباشرة على الدولتين وغير مباشرة على دول الخليج العربي. ثم جاءت حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي (حرب الخليج الثانية) في العام 1991 ثم الغزو الأميركي للعراق (حرب الخليج الثالثة) في العام 2003 وما تلاه من سيطرة إيران على المشهد السياسي العراقي، إضافة لوقوف إيران بجانب «حزب الله» لزعزعة الأوضاع الداخلية اللبنانية، ثم دور إيران العسكري في دعم نظام الحكم في سوريا، الذي يقوم بقتل مواطنيه يومياً، وأخيراً دور إيران في انقلاب «جماعة الحوثي» على الشرعية في اليمن، وقبل كل هذا الاحتلال الإيراني للجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

إن المتابع لتطورات الساحة الخليجية، يجد بكل وضوح جانبين: أحدهما لقوى الخير والآخر لقوى الشر. فدول الخليج العربية عندما أعلنت تأسيس مجلس اتحادي لم تذكر في دوافع إنشائه ما يفيد قيامها «بتصدير» أهداف وخطط" المجلس لدول الجوار، كما لم تقم دول المجلس بأي سلوك من شأنه زرع بذور الفتنة الطائفية في أي دولة خارج إطار المجلس. فمجلس التعاون الخليجي هدفه منذ التأسيس هو التعاون وتعزيز الروابط بين مواطنيه وتوفير حياة سليمة لهم. وفي المقابل، تقوم قوى الشر ممثلة في إيران بجهد مكثف لزعزعة الأوضاع الداخلية في دول مجلس التعاون الخليجي وضرب وحدته وتأليب الشعوب على حكوماتها بهدف تدمير تلك الدول. ولكن واقع الأمر يؤكد أننا مدركون لنوايا أعدائنا، ومؤمنون بتوجهات ومسيرة مجلسنا الذي يمضي لتحقيق تطلعات قادتنا بالرغم مما يواجهنا من تحديات تفرض علينا الوقوف صفاً واحداً خلف قادتنا، وتلك هي رسالتنا لقوى الشر.