&&فاتح عبد السلام&&

في ولايات أمريكية عدة منها ولاية كاليفورنيا تحترق الغابات سنوياً بحرارة الشمس كما يحدث اليوم ، وفي اليونان قلب أوربا وصلت الحرارة أربعين ويقال ستصل الى ستة وأربعين، وهي حرارة تجعل الملايين يغادرون منازلهم الى شواطيء البحر في ساعات الذروة. ويكاد الناس يخرجون من ثيابهم ،وقد يخرجون فعلاً ، في بريطانيا اذا وصلت الحرارة خمسة وثلاثين لا غير.

درجة الحرارة وتقلباتها حدث مهم في أوربا والولايات المتحدة ،وكل بلد له حكاية مع الطقس .

في العراق تكون درجة الحرارة في حدود الخمسين، ولا يقلق الناس إلا عندما يصاحب موجة الحر عواصف ترابية تقتل المرضى بالربو ،لا أمل في تفاديها ،مادامت عاصمتنا ومدننا تفكر بإحاطة نفسها بالحزام الأحمر دائماً ،ولا أحد يعرف شيئاً عن الحزام الأخضر كما في كثير من البلدان

قبل ثلاثين سنة، في العراق ، سألت شيخاً في التسعين كيف كان اجدادنا يحتملون درجة الحرارة في العراق قبل سبعين أو ثمانين سنة ،أجابني بسلاسة ان الناس لم يكونوا يشعرون بالحر كما هي موجاته في هذه السنوات ، كانت الحرارة أقل درجة ، وكانوا يلتجأون الى شواطيء دجلة والفرات والانهار الصغيرة في الظهيرة، وفي الموصل كان اهلها يلجأون الى السراديب التي لم يكن بيت يخلو منها . وهي تشبه غرف المعيشة تحت أرض المنزل ،وتكون مغطاة الجدران والأرضية بالمرمر الموصلي الشهير المسمى بالفرش، الذي يمنحك برودة معتدلة دائمة. وكان السرداب بارداً من غير وسيلة تبريد.

النازحون في الخيام أو الكرفانات أو مباني المدارس الأسمنتية المهجورة لن يصدقوا لو أقسمت لهم بأغلظ الأيمان أن هناك في مكان آخر من العالم بشراً يحبون الشمس الى درجة التعري تحت أشعتها. ربما لأنهم يظنون ان الشمس التي تسطل وتسطر في العراق هي نفسها في مكان آخر،ولأنهم لايعلمون ان المواطن الاوربي يستشير طبيبه الخاص حول كيفية اختيار النوع المناسب من الكريمات المناسبة لبشرته كي يدهن بها جسمه قبل التعرض للشمس ولو وقت محدود.

سقف الحلم جعلوه خفيضاً على نحو شديد التطرف، الى درجة الاصطدام برؤوس العراقيين حتى لايكون لها فسحة لتشرئب قليلاً وترى كيف يعيش الانسان في دول كثيرة العالم،أو كما تعيش عوائل مسؤولي المنطقة الخضراء في الخارج.

صار الحلم الكبير صعب التحقيق، أن تخرج من خيمة عارية الى حضن كرفان مستور ،أو من مدرسة مهجورة لا تصلح للعيش الى منزلك في بلدتك التي تحررت قبل شهور ،ولايسمح لك بالعودة اليها.

هناك نزوح أيضاً يحدث في العالم يانازحي الفلوجة والموصل وتلعفر والرمادي وديالى وتكريت، لكنه نزوح نحو شواطيء نظيفة في مواسم استجمام في كنف أمان وحرية ورفاهية.

&

&