جيمس كينج &

"مهما كان الحبر باهتا، فإنه أفضل من أقوى ذاكرة". معجم المصطلحات الضخم في الصين مليء بتوفير موثوقية الكلمة المكتوبة. لكن البلد الذي بدأ الكتابة منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام يجد نفسه ضحية فجوة خطيرة في المعلومات.

الانهيار الشامل في موثوقية المعلومات المالية يفاقم سوء توزيع رأس المال الذي يكمن في جذور الكفاءة الاقتصادية المتراجعة للصين والمستويات المتزايدة من ديون الشركات. لننظر، مثلا، في الكيفية التي يمكن من خلالها لمؤسسة مالية صينية محاولة العثور على معلومات دقيقة حول شركة تفكر في منحها أحد القروض. كخيار أول، يمكن أن تلجأ إلى تقارير وسائل الإعلام. وهذا يمكن أن يتبين أنه عمل متسرع. المواضيع المنشورة التي تجدها يمكن أن تكون قد تأثرت بـ "صحافة المغلفات"، وهي ممارسة تنطوي على وضع أوراق مالية في مغلفات رشا للصحافيين في المؤتمرات الصحافية، لتعزيز المشاعر الإيجابية. النشاطات التي من هذا القبيل منتشرة بصورة واسعة إلى درجة أن إحدى الشركات الصينية تعرض تطبيقا، على غرار أوبر، لجعل صناعة الأخبار المغروسة أكثر كفاءة. التطبيق الذي يُدعى "تشاو جيزا" وتعني العثور على صحافي، يضع الشركات على اتصال مع الصحافيين الراغبين في تأجير أقلامهم، وذلك باستخدام مقياس متدرج.

بالطريقة نفسها التي يدفع بها عملاء أوبر مبلغا مقابل استدعائهم سيارة مرسيدس مفروشة بالجلد أكبر ما يدفعونه لاستدعاء هوندا أكورد، يسرد التطبيق قائمة أسعار تبدأ من ألف رنمينبي مقابل صحافي "عادي" يمكنه أن يصل فقط لمنفذ إعلامي واحد، وثلاثة آلاف رنمينبي للكتاب "من ذوي المستوى المتوسط والعالي"، وثمانية آلاف رنمينبي للخدمة الممتازة التي تشتري "كبار" الصحافيين وتغطية مضمونة في 25 مطبوعة، أربعة منها معروفة جيدا.

التطبيق الذي يدّعي أنه يمتلك شبكة تضم أكثر من 1000 صحافي يمكنه الوصول إلى ثلاثة آلاف مطبوعة، يطلق على نفسه اسم "منصة المجتمع الفكرية حيث يساعد الإعلاميون المحترفون أصحاب المشاريع". ومع ذلك، يبدو أنه قد تم تجميد التطبيق هذا الأسبوع وسط انتقادات لأنموذج أعماله على موقع محرك البحث الصيني baidu.com.

إذا لم يكن بالإمكان الوثوق بوسائل الإعلام، فإلى أين يجب أن يتحول المصرف الصيني؟ شركات التصنيف الائتماني تقدم وسيلة واضحة. لكن شركات التقييم الصينية متفائلة جدا، إلى درجة أنها حتى لا تشي ولو بلمحة انزعاج من تحذير صدر أخيرا عن صندوق النقد الدولي بأن ما مقداره 1.3 تريليون دولار من قروض الشركات معرضة لخطر أن تتحول إلى ديون معدومة.

وفقا لدراسة أجرتها "وند إنفورميشن"، وهي شركة لتزويد البيانات في شنغهاي، منحت وكالات التصنيف في الصين المرتبة الاستثمارية إلى 99.5 في المائة من مجموع الديون الصادرة. هذا يرسل إشارة إلى أن جميع سندات الشركات تقريبا آمنة ويمكن اقتناؤها (باستثناء نسبة ضئيلة منها)، على الرغم من زيادة إعسار الشركات هذا العام إلى ثلاثة أضعاف المستويات في كامل عام 2015.

العبثية تصبح أكثر وضوحا على مستوى الاقتصاد الجزئي. "يانتشو كول"، الشركة الكبيرة في السابق، التي تعاني ارتفاع مضاعِفات الديون، التي تمكنت من استخلاص عائد على الأصول في العام الماضي بنسبة 0.1 في المائة فقط، مُنِحت أعلى تقييم للجدارة الائتمانية من قبل الوكالات الصينية. بالمقابل، ستاندرد آند بورز، وكالة التصنيف الدولية، تضع سندات الشركة في فئة "السندات الخطرة". وهناك العشرات من الحالات المماثلة.

محللو سوق الأسهم ليسوا أقل تفاؤلا. من الناحية العملية أصدروا توصيات إلى المستثمرين تنصح بـ "شراء" أسهم جميع الشركات المدرجة في مؤشر شنغهاي المركب، مؤشر الأسهم الرئيسة في الصين. ويوضح مؤشر بلومبيرج متوسط تقييم يصل إلى 4.4، حيث يمثل الرقم 5 نصائح شراء بالإجماع من المحللين.

التفاؤل الشامل يحرم المصارف الصينية من قرن الاستشعار لديها. إذا كان الرأي السائد هو أن جميع الشركات ممتازة وأن الأوضاع على خير ما يرام، فمن الصعب على المؤسسات المالية أن تميز بين شركة "حية ميتة" تعمل على تدمير القيمة وبين شركة ابتكار ديناميكية.

دون الحصول على معلومات مالية ذات جودة قد يكون من الصعب معالجة سوء تخصيص رأس المال الذي أسهم في الإحصائية الاقتصادية الأكثر إذهالا لهذا العام، في الربع الأول، ثاني أكبر اقتصاد في العالم تطلب أربع وحدات من الائتمان لتوليد وحدة واحدة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك، لا يبدو أن بكين مستعدة للسماح لمائة مدرسة فكرية أن تتنازع فيما بينها. إن وجود بيئة سياسية محمومة، مكثفة من تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، جعلت القيادة الصينية ترتاب من الانتقادات والتعليقات الصريحة.

التعليمات المعطاة لوسائل الإعلام التي تديرها الدولة تقضي بزرع الانسجام أينما كان، ما دفع صحيفة "الشعب" اليومية، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، إلى أن تتباهى في "تقرير الرأي العام" لديها لعام 2015 بـ "زيادة كبيرة في الإجماع على الإنترنت" على دعم الحزب.

لكن الخطر بالنسبة للصين هو أنها يمكن أن تحقق الانسجام بعيدا عن ملَكاتها النقدية، على نحو يجعلها غير قادرة على انتشال نفسها من مستنقع الديون الذي تفاقم بسبب قرارات الإقراض الرديئة.