صهيب أيوب

&في «وهج» التظاهرات البيروتية، القائمة في وجه العنصرية ضد اللاجئين السوريين، بدا لافتاً، اليافطة الصغيرة التي حملتها صبية عشرينية، وسط حشد المعتصمين، مدون عليها: «عون كان لاجئا في فرنسا»، يرافقها «ايموجي» ضاحك، بخط واضح. وأصبحت الصورة في غضون ساعات «تراند» على «تويتر» و«فيسبوك».


الصورة التي التقطها الزميل حسين بيضون، انتشرت كالنار في الهشيم، وبدت رد فعل طبيعيا على مواقف النائب اللبناني ميشال عون «الاستفزازية» و«العنصرية» بحق اللاجئين السوريين، المقهورين والمتهمين من قبل فريق عون السياسي بـ «مشكلات البلد». وهي مشكلات متراكمة، منذ عصر الجمهورية الأولى، من الكهرباء والماء وصولاً إلى أزمة النفايات، مروراً بالأزمات الأمنية المتتالية والاهتراء المؤسساتي القائم. وكأن السوريين الهاربين من أتون حرب بلادهم، باتوا معضلة المعضلات، والأثر البالغ في مشكلات لبنان، الذي يعاني من طائفية مفرطة وفساد إداري واستسهال أمني، يقوده «حزب الله» ودويلته المسلحة.

ويستسهل اليوم، أيا كان ان يلقي بهموم البلد، على عاتق السوريين العزّل، الذين أصدرت بلديات لبنانية قرارات «بائسة» بحقهم، ليس أقلها منعهم من التجوال من بعد السابعة ليلاً إلى السابعة صباحاً، كأنهم سجناء في خيم وأقبية لم تعد تؤوي بؤس حياتهم وذلها، وليس آخرها إخراجهم في عتمات الليل وتركيعهم وتفتيشهم، مثل فرق «النازية»، في الحرب العالمية الثانية، في صور تدل عن عنصرية مقيتة، يرعاها فريق عون، خصوصاً بعد حوادث أمنية في قرى مسيحية.

وشهد لبنان في 27 حزيران/ يونيو الماضي هجوماً استهدف قرية مسيحية في منطقة البقاع، لتشهد البلاد منذ ذلك الحين حملة منظمة من قِبل تيارات حزبية ودينية نادت بـ»طرد السوريين»، وسعت إلى التضييق عليهم، بدءاً من فريق عون، وممثله في الحكومة، الوزير جبران باسيل (صهر عون).

وتظاهر عشرات اللبنانيين، يوم الاثنين، تضامنا مع اللاجئين السوريين، وحمل هؤلاء لافتات تدعو إلى السلم الأهلي في لبـنان، في مواجـهة العنـصرية. واحـتوت اللافتات عبارات عدة، أبرزها «لاجئون مقيمـون متـضامنون كـلنا بوجه العنصرية»، وأخرى جاء فيها «ممنوع منع التـجول». وأنطلقت مسيرة للحراك المدني من الأشرفية باتجاه بشارة الخوري، وصولا إلى وزارة الداخلية، استنكارًا للعنصرية، وهو ما كان لافتاً مشاركة العشرات فيها.

الصورة، التي ارفقت بتعليقات ساخرة، دلت عن حراك الكتروني، مواز للحراك الشعبي. وسأل أحد المدونين عون: «لماذا نسيت تاريخك؟»، في إشارة إلى لجوء عون إلى السفارة الفرنسية في منطقة الحازمية في بيروت يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1990، وترحيله في 29 أغسطس/آب 1991 برا إلى شاطئ ضبية، ومنها إلى قبرص، ومنها إلى باريس عبر بارجة حربية فرنسية، حيث اقام، كلاجىء سياسي، وعاد إلى بيروت في 7 أغسطس/آب 2005.
وكتبت مدونة على «فيسبوك»، مرفقة صورة اليافطة، ان «عون يحق له ان يكون لاجئاً، اما السوريون فيجب تركهم يموتون في العراء او بغاز السارين او بقصف براميل الأسد». كلام المعلقين، لم ينته عند حد السياسة والنقد، بل تعداه إلى اعتبار موجة العنصرية، التي يعتز عون في إدارة حملتها سياسياً وعبر منبره القائم في الرابية، وفي مؤتمراته الصحافية الأسبوعية، انها «مخجلة بحق المسيحيين»، الذين كانوا «لاجئين في أيام التعذيب العثماني في الجبال العالية»، فـ «ليس ممكناً ان يصادر عون صوت المسيحيين»، و»يضعهم في موقع العنصريين»، كما كتب أحدهم.

وناشد البعض عون بـ «عدم» نسيان ما حل به يوما، بسبب النظام السوري حينها، وهو من ينكل اليوم بالشعب السوري عبر مجازره، مشيرين إلى «فقدان» الحالم بكرسي الرئاسة، «ضميره الإنساني».

وتزامنت الموجة»العنصرية» الأخيرة مع حملات دهم واعتقال طالت مئات اللاجئين السوريين في المخيمات والقرى والبلدات اللبنانية، حيث أورد الإعلام الرسمي، أنها استهدفت سوريين لا يملكون أوراقًا ثبوتية وأشخاصا على علاقة بتنظيمات «إرهابية»، وهي حجج، اعتبرها مستخدمي مواقع التواصل بـ «الواهية».

وفرضت السلطات اللبنانية منذ حدوث التفجيرات حظر تجوال على السوريين، في عدة مدن وبلدات، رغم تأكيد وزارة الداخلية أن منفذي الهجوم «ليسوا من اللاجئين السوريين الموجودين داخل لبنان».

يشار إلى ان عدد اللاجئين السوريين في لبنان يصل إلى أكثر من مليون شخص، يشكلون حوالى نسبة 20% من المقيمين على الأراضي اللبنانية.