&المشنوق: لسنا تيار استسلام ولا انتظار ونريد تسوية من داخل النظام والمؤسسات

&قال وزير الداخلية والبلديات اللبناني نهاد المشنوق «إننا على مفترق طرق خطير وحسّاس بما يتعلّق بخياراتنا كفريق سياسي، في ضوء ما يجري في المنطقة وفي ضوء الحرائق المندلعة والحروب الأهلية المتنقّلة التي استدعت في شكل غريب عروض تسويات ومصالحات مع من كانوا قبل أيّام مجرد عصابات تكفير ومشاريع إسرائيلية». وسأل: «أليس الأولى أن نتصالح كلبنانيين ونعقد التسويات بيننا بما يحفظ الكيان والنظام وأهل النظام وأهل الوطن؟».

كلام المشنوق الذي جاء خلال تكريم مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، في دارة أحمد ناجي فارس في الشبانية بحضور نيابي وسياسي وعسكري واجتماعي واقتصادي كبير، استهله بتوجيه تحية إلى «مفتي الاعتدال الوطني، الواقف بحزم في وجه محاولات زجّ الإسلام في أوصاف بعيدة عن مفاهيمه الصحيحة، المفتي المتمسّك بأنّ الإسلام دين حضارة وأخلاق وعدل وإحسان ورحمة، وليس دين إرهاب وتطرّف، وهو حامل رسالة الاعتدال أينما حل في الخارج، عنوانه الكبير دائماً حرص دار الفتوى على تعزيز الوحدة الإسلامية بين السنّة والشيعة، والوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، في إطار احترام المؤسسات الدستورية وسيادة الدولة». ثم قال: «من المؤكد أنّ لديكم الكثير من الأسئلة، خصوصاً بعدما سمعتم المقابلات وقرأتم المقالات خلال الأيام الأخيرة، تلك التي امتلأت بالافتعالات والاختراعات. والنائبان عمار حوري ومحمد قباني كانا حاضرين خلال كل الحوارات الحقيقية. وما أستطيع قوله إنّ 90 في المئة مما حصل لا يُشبِه ما نُشِرَ ولا ما قيل. لكن هذا هو البلد وهذه طبيعته».

وأضاف: «لقد مضت سنتان على الفراغ الرئاسي، والشلل التام في المجلس النيابي. ويقرّ كلّ أركان الحكومة بأنّها تشبه الفراغ في البلد، من تراكم للأزمات، من الكهرباء إلى النفايات إلى آخره... ونحن خلال هذه الفترة، سواء في تيار المستقبل أم في كتلة المستقبل أم في كلّ أجوائنا السياسية ومعنا أصدقاء، بدأنا نقاشاً جدياً لأنّنا على اعتقاد وقناعة بأنّنا بتنا على مفترق طرق ولا يمكننا الاستمرار على النحو الذي فعلناه خلال السنة الماضية. فنحن عملياً قدمنا كل شيء وتصرّفنا على أساس أنّنا أمّ الصبي، ولم نترك مجالاً لأحد كي يهتمّ بالصبي غيرنا. فتبيّن بعد ذلك أنّ الأمور لا تسير على ما يرام، ولا بدّ من التفكير بطريقة ثانية. وتبيّن أنّ الاهتمام بالوطن لا يقع على عاتقنا وحدنا، ويجب أن يتصرّف الآخر مثلنا».

وتابع: «مددنا اليد أكثر مما يحتَمِل أوفى الأوفياء بيننا، دفاعاً عن كلمة سواء مع شركائنا في الوطن، ولم نلقَ، صراحةً، إلا الإهمال مضموناً، والاهتمام شكلاً». وقال: «ربما يعتقد البعض بأنّ هذا الكلام خارج السياق لأنّ البلد كله يتحدث عن تسوية معروضة ومطروحة على الطاولة. الحقيقة أنّ التسوية المطلوبة لا تتعلّق بانتخاب رئيس للجمهورية ولا بهيبة رئيس الحكومة، لأنّ من سيتم تسميته هو الرئيس سعد الحريري، الذي يستحق ذلك بأصوات الناس وبدماء الشهداء وليس منّة من أحد. كما أنّ التسوية ليست بهدف إجراء انتخابات نيابية، ولا لنأتي برئيس يستحقّ الرئاسة، وأنا من هنا أقول إنّ صوتي منذ اللحظة الأولى ولحين خروجي من المجلس هو للرئيس نبيه بري، لا يحتاج إلى شهادة من أحد لتأكيد رغبة الذين يصوّتون له».

وشدد المشنوق على أنه «كنّا وما زلنا طلاب تسوية، لكنّنا نرفض أن تكون التسوية اسماً حركياً لأمرين هما الاستسلام أو الانتظار. نحن لسنا تياراً مستسلماً ولا تيار انتظار سياسي. نحن تيار قرار، وبالتأكيد لن نقبل لحظة أن نكون تيار استسلام سياسي ولا تيار انتظار سياسي. وغداً فإنّ الأيام القريبة وليست البعيدة، ستبيّن صحّة كلامي». وقال: «صحيحٌ أنّ خياراتنا محدودة، لكنّ خياراتنا بيدنا ولا يقرّر عنّا أحد، وعندما نمسكها بيدنا نستطيع التحكم بها على رغم كلّ ما تسمعونه من مشاكل، ومن كل ما تشاهدونه من استعراضات قوّة».

وزاد: «آخر استعراضات القوّة ما قرأته في إحدى الصحف وهو أنّ لسرايا المقاومة، وأنا أسميها سرايا الفتنة، جيشاً من 50 ألفاً وأنّ لديها مهمات داخلية. هنا أسأل: في وجه من يقف هؤلاء؟ وما هي مهماتهم الداخلية؟ ثم في المقال أنّ هناك واقعاً مطلوب فيه رأس المقاومة وأنصارها في كل لبنان ومن كل الطوائف. فعلاً هي مسألة محيّرة: كيف يمكن بناء بلد مع جهة تعتبر نفسها مستهدفة من كلّ الطوائف؟ وكيف يمكن أن تبنوا بلداً كلّ من فيه يعادونكم ويطلبون رأسكم؟».

وتابع: «في الحقيقة بعدما قرأت هذا الكلام أريد القول إنّ هذه ليست سرايا فتنة بل سرايا احتلال. وهذا الاحتلال لا ولن نقبل به تحت أيّ ظرف من الظروف. كلّ واحد يستعمل ما يريد، لكن نحن كأهل وكمجموعة وكمسلمين كلّنا قاومنا الاحتلال الإسرائيلي قبل أن تخرج الأسماء الأخيرة. وأنا من جيل تشكّل وعيه على مقاومة إسرائيل، وتربّينا على عنوان مقاومتها ولن نقبل أن يتحول هذا الاحتلال إلى احتلال لبناني، بل سنقاومه بكلّ الطرق والوسائل السلمية والسياسية، ولن نقبل به تحت أيّ ظرف من الظروف وفي كل مكان وليس فقط في الحوار». (إشارة إلى أن المشنوق عضو في الحوار الذي يعقد دورياً بين المستقبل وحزب الله وحركة أمل، وفي كل جلسة يثار فيه موضوع سرايا المقاومة التي انتشرت خارج صيدا وفي أكثر من منطقة ومنها بيروت، لتنفيس الاحتقان المذهبي، لكن هذا الموضوع بقي مطروحاً من دون حل).

ولفت المشنوق إلى أنه «قرأ هذا الكلام مرات عدّة «ولم يصدقه. وأعتقد بأنّ من قال هذا الكلام ليس سوياً. فكيف يكون كل اللبنانيين معادين لك وأنت الوحيد الوطني اللبناني تدافع عن لبنان في وجه التكفيري وإسرائيل. إذا كان كل اللبنانيين معادين لك فلن تستطيع مواجهة أحد، كائناً من كان معك، ومهما كانت وظيفته أو طائفته أو قدرته»، مستذكراً «حضور الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي تعلّمنا منه الكثير وكان من أوائل المقاومين ضدّ إسرائيل».

&

دريان: الوطن أهم من الأشخاص

ودعا المفتي دريان إلى «إيجاد مخارج جديدة لحل الأزمة اللبنانية لإحداث خرق في الفراغ الرئاسي، وذلك من خلال حوار جدي وصريح بين كل المكونات السياسية للوصول إلى تفاهم على إجراء انتخاب رئيس»، مؤكداً أن «بقاء الوطن واستقراره وأمنه وسلامته أهم من الأشخاص، ولبنان هو وطن التوازن والمساومات والتوافق والحوار، وكل الأزمات الماضية التي مررنا بها كان حلها يأتي عبر الحوار». ورأى أن «المبادرات الإنقاذية التي أطلقها الرئيس سعد الحريري لم تكن شخصية وإنما كانت مبادرات وطنية، ونحن ننتظر أيضاً سيلاً من المبادرات، ولكن ما يحقق النتيجة في النهاية هو التوافق والرئيس التوافقي»، وأشار إلى أن «منطلقاتنا التي نتمسك بها هي الحفاظ على الوحدة الإسلامية، ونحن لن نخطئ أبداً في تحديد البوصلة الصحيحة للحفاظ على الوحدة الإسلامية. وكما قال الوزير المشنوق فإنه يعبر عن وجدان وضمير كل واحد موجود بيننا في هذا اللقاء».