سعد الياس

&وصلت الأزمة السياسية في لبنان مرحلة بالغة الخطورة مع إصرار التيار الوطني الحر على تصعيد خطابه بعد إعلان انسحابه من الحوار واستمرار مقاطعته الحكومة متوعداً بخطوات أكبر حتى 13 تشرين الاول (أكتوبر) تاريخ العملية العسكرية السورية ضد العماد ميشال عون في قصر بعبدا.

وقد هاجم التيار الحر رئيس الحكومة تمام سلام على تمسكه بعقد جلسة لمجلس الوزراء واعتبرت قناة OTV التابعة للعماد ميشال عون «أن تمام سلام لم يعتبر أن شيئاً ما في البلد يستحق التوقف عنده أو التأمل في أبعاده أو التحوط لتداعياته… بل يستمر «نائب نائب رئيس الحكومة» في التصرف، وكأنه يعيش وحده في أفضل العوالم الممكنة، كما تقول المسرحية الفرنسية الشهيرة … لم يسأل جبران باسيل ـ بما يمثله تيارُه في البلد ـ لماذا بلغ الأمر بكم حد التساؤل عن معنى الميثاق… ولم يتداول حتى مع صديقه الرئيس نبيه بري، في السبب الذي جعل رئيس المجلس يقول أن ما سمعه هو أخطر كلام قيل منذ الحرب الأهلية… ولم يتوقف عند تأكيد سمير جعجع ـ وهو الحليف على رأس حزب كبير آخرـ أن السيادة بلا شراكة لا معنى لها… وأنه يرى بذور ثورة تتكون، ونحن مستعدون لملاقاتها…». واضافت المحطة «لم يطرح تمام سلام أي سؤال… تماماً وفق قاعدة كونفوشيوس، بأن غياب السؤال جنون أبدي… استمر في رتابة سراياه،Business as usual حتى أنه دعا إلى جلسة جديدة لحكومةٍ، أخطأنا يوم وصفناها بحسب الأرقام والإحصاء والدقة الفائقة، بأنها حكومة الستة بالمئة من المسيحيين… لأن تمام سلام، مصصم على النجاح في جعلها حكومة الستين سنة وسبعين يوماً على الميثاق وعلى الوطن… ففي النهاية، الذي وقف متفرجاً على فضيحة شينوك النفايات ـ لا بل كان أكثر من متفرج ـ لا يُنتظر منه أكثر، في موضوع الشراكة والتساوي والمناصفة والعدالة…».

ويأتي رفع النبرة العونية بعد قرار الانسحاب من الحوار ما أدى إلى تعليقه. وتستغرب أوساط التيار الوطني الحر في حديث إلى «القدس العربي»، «تعاطي بعضهم مع مواقف التيار بخفة وعدم إدراكهم أن هذه المواقف ليست مناورات لغايات شخصية أو ظرفية». وتدرج الأوساط «الدعوة إلى جلسة مجلس الوزراء بعد 48 ساعة على تعليق الحوار في هذا الاطار من دون أي مراعاة للشريك المسيحي». وتقول «من المعروف عن رئيس الحكومة تمام سلام صبره وطول أناته فلماذا يمشي في سياسة التحدي ولا يستمع إلى الرغبات بتأجيل الجلسة التي صدرت عن وزيري حزب الله وعن الوزير ميشال فرعون؟ ولماذا لم يأخذ بنصيحة القوات اللبنانية بالتروي؟ ومن تراه ينفخ في نار الأزمة ويدفع به الى سلوك هذا الخيار الذي لا يسهم في المعالجة بل يؤدي الى تأجيج الصراع؟».

وكشفت الأوساط «أن التيار الوطني الحر باشر أم المعارك لاسترداد دور المسيحيين في الحكم الذي تعطّل منذ العام 1990 والذي يحلو لبعض الاطراف السياسية في الداخل أن يستمروا بممارساتهم تجاه الشريك المسيحي كما كان الحال في عهد الوصاية السورية، فيسلبوا المسيحيين الدور الفاعل ويحرموهم من قانون انتخاب عادل يؤمن صحة التمثيل ومن التعيينات وحتى من أن يكون لهم الكلمة الاولى في اختيار رئيس الجمهورية الماروني».

في المقابل، ثمة من يتخوّف من معارك العماد عون التي لم يربح أياً منها سواء التي شنّها ضد الاحتلال السوري تحت عنوان «حرب التحرير» أو تلك التي شنّها على القوات اللبنانية تحت عنوان «توحيد البندقية» والتي أطلقت عليها القوات يومها إسم «حرب الالغاء». وحذّر خصوم عون في حديثهم الى «القدس العربي» من خطابه الذي قد يؤدي الى حرب اهلية ويجرّ البلد الى الهاوية. وشكّكوا في صوابية طروحاته وعلى رأسها موضوع الميثاقية، وقالوا إذا كانوا حريصين على الميثاقية فلينزلوا الى مجلس النواب من اجل انتخاب الرئيس وهو الموقع المسيحي الاول بدل الاستمرار في تعطيل نصاب الجلسات. ثم من قال إن المسيحيين خارج التيار وداخل الحكومة ليسوا مسيحيين، فلا تجوز المزايدات. ثم أين كانت الميثاقية في العام 1988 عندما قرّر العماد عون السير بحكومته العسكرية رغم استقالة الضباط المسلمين منها؟

&ولعلّ ما يلخّص الاجواء الراهنة هو كلام الرئيس نبيه بري الذي استهول كلام رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل على طاولة الحوار، واعتبره كلاماً قيل في الحرب الأهلية.

&