علي الشريمي& &

هناك رأي عام على مستوى الإعلام الأميركي وعلى مستوى النخب الثقافية والأكاديمية بأن الولايات المتحدة هي المسؤول الأول عن تصاعد الإرهاب في العالم

مشروع "قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي صوت عليه مجلسا الشيوخ والنواب الأميركي لا يزال أمامه بعض التحديات الدستورية حتى يتم تشريعه كقانون ويأخذ دوره في التنفيذ والتطبيق، وسأشير هنا إلى بعض هذه التحديات طبقا للدستور الأميركي:

1 - إلى الآن لم ترسل الصيغة النهائية من المجلسين (النواب والشيوخ) بأغلبية الأصوات إلى الرئيس الأميركي (باراك أوباما)، وهذا ما أكده قبل أيام الناطق باسم الرئاسة الأميركية "جوش ارنست".

2 - بعد وصول الصيغة أمام الرئيس يكون أمامه 10 أيام للبت في أمرها، فإما أن يوقع بالمصادقة فتصبح قانونا، وإما أن يهملها وبذلك تصبح قانونا بعد مرورِ 10 أيام -ما لم تبدأ إجازة الكونجرس قبل مرورِ المدة- وإما أن يستخدم حق النقض (الفيتو).

3 - إذا استخدم الرئيس (الفيتو) -وهو ربما ما سيعتزم فعله الرئيس الأميركي- فسوف يعيدها إلى المجلسِ الذي قدمت فيه أولا ويكون أمامها ما يلي:

أولاً: إذا اختار المجلسان التصويت عليها بأغلبية الثلثينِ تصبح قانونا رغم (الفيتو).

ثانياً: إذا لم يتوفر العدد الكافي من الأصوات للتغلب على (الفيتو) يعود المشروع إلى رحلته من جديد إلى المجلسين (النواب والشيوخ)، ويمر بخطوات عديدةٍ في اللجان المتخصصة بموضوعه، وتعقد جلسات استماع، وقد تعاد صياغته أو تعدّل أكثر من مرة، حيث تجرى عليه التعديلات لإرضاء الرئيس أو لإرضاء الممتنعين عن التصويت حتى يصل إلى التصويتِ النهائي في كل من المجلسين ليصبح قانوناً.

ثالثاً: إذا لم يتم إرضاء الرئيس أو الممتنعين عن التصويت، يفقد المشروع فرصته ليكون قانوناً.

والسؤال: ما خطر هذا المشروع على أميركا في حال تم إقراره؟

أولا: القانون يتعارض ومبدأ الحصانة السيادية التي تتمتع بها الدول، مما يعني أن مس الولايات المتحدة بهذا المبدأ يجعلها عرضة للملاحقة القضائية في العالم بأسره.

ثانيا: هذا القانون يضع العسكريين والدبلوماسيين الأميركيين في الخارج في وضع حساس، إذ يسقط عنهم الحصانة التي يتمتعون بها حالياً ويجيز تالياً مقاضاتهم.

ثالثا: هذا القانون سيضع أميركا عرضة للملاحقة القضائية من قبل الشعب الأميركي أولا، وكذلك كثير من الدول كونها لعبت دورا أساسيا في تصاعد الإرهاب، ففي فيتنام مثلا كانت حصيلة حرب أميركا هي "مليون ومئة ألف" قتيل أغلبهم من المدنيين (الأطفال والنساء والرجال)، وأكثر من 30 ألف قتيل جندي أميركي، ولك أن تنظر إلى الحرب الأميركية على العراق، إذ أشارت الإحصائيات إلى أن 655,000 مدني قتلوا من بداية الغزو الأميركي، وكذلك صرحت الأمم المتحدة بأن نحو 34,000 عراقي قتلوا خلال عام 2006 فقط، وهذه مجرد إحصائيات بسيطة، أما عدد القتلى الأميركيين فبلغ (32) ألف جندي.

وسائل الإعلام الأميركية تصف غزو العراق بأنه أسوأ القرارات في تاريخ أميركا، وسببه كذبة كبرى، ولعل الكلمة التي ألقاها نائب الرئيس الأميركي حينذاك "ديك تشيني" هي خير دليل، وذلك حينما قال في لقاء وثائقي: "الحرب كانت مبررة لأن أميركا أطاحت بنظامٍ ربما كان سيشكل خطورة في وقتٍ ما في المستقبل". ويعلق "فاينمان" محرر مجلة نيوزويك بالقول: "كيف سمحنا لكذبة كبرى أن تقودنا إلى حرب مدمرة لنا ولمصالحنا وللآخرين"؟

وفي إحصائية أخرى بلغ عدد القتلى جراء الحرب الأميركية في أفغانستان وباكستان 150 ألفا، وعدد الإصابات 162 ألف شخص منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على أفغانستان عقب 11 سبتمبر.

هناك رأي عام على مستوى الإعلام الأميركي وعلى مستوى النخب الثقافية والأكاديمية في الداخل الأميركي بأن الولايات المتحدة هي المسؤول الأول عن تصاعد الإرهاب في العالم، وبالتالي ستكون الخاسر الأكبر في حال تشريع القانون.

& &