لحسن مقنع
وأعلن شباط الذي كان يتحدث صباح أمس في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب الاستقلال، عن تنحيه من اللجنة المكلفة بمتابعة مشاورات تشكيل الحكومة، التي كانت تضم بالإضافة إليه كلاً من محمد السوسي وحمدي ولد الرشيد، مشيرًا إلى انسحابه منها، وتعويضه بالوزير الأسبق بوعمر تغوان.
وذكر أن «الأمين العام للحزب لن يتفاوض بشأن الدخول في الحكومة»، مشيرًا إلى أن هذه المهمة موكولة للقياديين الثلاثة، بتنسيق مع مؤسسات الحزب.
وأضاف، موجهًا كلامه لخصومه السياسيين: «إنني اليوم، وبكل مسؤولية، أقول لمن يهمهم الأمر إن الأمين العام لحزب الاستقلال تهمه مشاركة الحزب في الحكومة، وليس مشاركته الشخصية فيها، علمًا بأنني لم أسأل أصلاً عن مشاركتي من عدمها في الحكومة المقبلة»، مضيفًا: «لهذا أعلن اليوم، وبصفة رسمية، أنني كشخص لن أكون عضوًا في الحكومة المقبلة، وإن من يتحججون بشخصي وباسمي عليهم أن يسرعوا اليوم إلى تيسير مهمة تشكيل الحكومة، فالشعب المغربي لن يرحم أحدًا اليوم وغدًا».
وأوضح أنه يسعى بإعلان هذا الموقف إلى «قطع الطريق على كل المتربصين بحزب الاستقلال»، وأنه بذلك لا يقدم تنازلات لأي أحد، وإنما اتخذ هذا الموقف انطلاقًا من شعوره بثقل مسؤولياته كقائد للحزب.
ودعا المجلس الوطني للحزب، الذي يعتبر أعلى هيئة تقريرية بعد المؤتمر الوطني، إلى تجديد تأكيده على مشاركة الحزب في الحكومة المرتقبة، وعلى تيسير الأمر بالنسبة لرئيسها المعين عبد الإله ابن كيران، الذي أشاد بثباته على موقفه من مشاركة حزب الاستقلال.
وأكد أن موقفه من حكومة ابن كيران مبدئي، وأنه سيساند ابن كيران، سواء شارك حزب الاستقلال في الحكومة أم لم يشارك، متعهدًا بالتصويت بالثقة من طرف حزب الاستقلال على حكومة ابن كيران المقبلة، والتصويت لصالح برنامجها عندما يطرح في البرلمان.
وانعقد المجلس الوطني للحزب وسط إجراءات أمنية مشددة، وذلك وسط تخوفات من وقوع أحداث بسبب معارضة كثير من القيادات الحزبية لشباط، بمن فيهم توفيق حجيرة رئيس المجلس الوطني، وإعلانهم في وقت سابق أن اجتماع المجلس الوطني غير قانوني.
وشكل الجناح النقابي للحزب لجان يقظة لحراسة الاجتماع، والتدقيق في كل من يدخل أو يخرج من المقر المركزي للحزب، إذ انعقد الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني.
وغصت القاعة بالمشاركين، إلا أنه لم يعلن عن عدد الحاضرين من أعضاء المجلس الوطني للحزب، البالغ عددهم ألف شخص. وخلال وجوده على المنصة، نادى على عبد الواحد الفاسي، نجل الزعيم التاريخي للحزب الراحل علال الفاسي، الذي التحق به في المنصة وسط هتافات الحاضرين.
ويكتسي جلوس عبد الواحد الفاسي على المنصة جنبًا إلى جنب مع شباط، أهمية رمزية، خصوصًا أن الفاسي كان من أبرز المعارضين لتولي الأمانة العامة للحزب، ومؤسس تيار «بلا هوادة» المعارض لشباط.
ويأتي هذا الموقف الداعم لشباط في الوقت الذي أصدرت فيه 38 شخصية من القيادات التاريخية للحزب، ضمنهم الأمينان العامان السابقان محمد بوسته وعباس الفاسي، عريضة تدعو لرحيله من الأمانة العامة.
تجدر الإشارة إلى أن عبد الواحد الفاسي نافس في انتخابات الأمانة العامة خلال المؤتمر الأخير الذي التأم في 2012، وفاز عليه هذا الأخير بفارق 20 صوتًا.
في غضون ذلك، قال شباط إن التاريخ سيسجل بمداد من العار كل من تآمر عليه وخانه، وأضاف «لست في حاجة لدروس من أحد في الوطنية؛ الوطن أكبر مني ومن الجميع، والحزب أكبر مني ومن الجميع».
وأوضح أن الحزب تعرض لهجمات بمبرر ومن دون مبرر في الشهور الماضية بعد إعلانه عن رغبته في المشاركة في الحكومة، وقال إن المستهدف ليس هو، بل الحزب الذي صمد في وجه كل المتربصين، متابعًا: «لكننا هنا صامدون للدفاع عن الحزب، وعن قيمه التي تربينا عليها في كنف المجاهدين من مؤسسي الحزب».
كما أشار إلى أن طريق الكرامة والديمقراطية ليس طريقًا مفروشًا بالورود، قبل أن يدخل في نوبة من البكاء. وأكد قائلاً: «نؤكد اليوم أننا نسير على نهج المجاهدين مؤسسي الحزب، ولا نلتفت كثيرًا لحوادث الطريق. فقد ظل حزب الاستقلال متشبثًا بثوابت البلاد من دون مساومة أو ابتزاز، وجعل من ذلك عقيدة يتوارثها الاستقلاليون والاستقلاليات».
وأعلن المجلس الوطني لحزب الاستقلال، عقب انتهاء اجتماعه الاستثنائي مساء أمس، عن دعمه لرئيس الحكومة المعين، بغض النظر عن الموقع الذي سيحتله الحزب. وجدد في بيان صدر عنه موقفه القاضي بالمشاركة في حكومة ابن كيران، معلنًا تموقع الفريق البرلماني للحزب إلى جانب أغلبية ابن كيران، سواء شارك في الحكومة أو لم يشارك.
وإلى جانب تشكيل لجنة مكونة من السوسي وولد الرشيد وتغوان، لاستكمال مشاورات تشكيل الحكومة مع ابن كيران، التي أعلن عنها في خطابه، أعلن البيان تشكيل لجنة أخرى مشكلة من نور الدين مضيان وعبد القادر الكيحل وعبد الله البقالي، سيفوض لها بعضًا من اختصاصاته إلى حين انعقاد المؤتمر المقبل الذي سيلتئم في شهر مارس.
من جهة أخرى، أوصى المجلس الوطني بإحالة توفيق حجيرة وكريم غلاب وياسمينة بادو على لجنة «التأديب والتحكيم»، بسبب تبرئهم من تصريحات الأمين العام للحزب، رغم موافقتهم على بيان تضامني معه ضد وزارة الخارجية المغربية، ومسارعتهم للتوقيع على بيان يدعو لرحيله من الأمانة العامة.
التعليقات