دبي - دلال أبو غزالة 

توقعت مؤسسة «أورينت بلانت للبحوث»، أن يواصل قطاع الأغذية والمشروبات في دول مجلس التعاون الخليجي نموّه الكبير خلال السنوات المقبلة، مدفوعاً بارتفاع عدد السكان وزيادة عدد السياح. ولفت تقرير بعنوان «تنامي سوق الأغذية والمشروبات في دول مجلس التعاون الخليجي»، إلى توقّعات بوصول حجم استهلاك الأغذية في المنطقة وحدها إلى 51.9 مليون طن متري بحلول عام 2019، مرتفعاً بمعدل نمو سنوي مركّب بنسبة 3.5 في المئة بين عامي 2014 و2019.

وتمحور التقرير حول درس قطاع الأغذية والمشروبات في ضوء النمو السكاني في دول مجلس التعاون الخليجي، وتنامي الشريحة السكانية الشابة، وتدفّق السياح من مختلف أنحاء العالم إلى هذه المنطقة. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن المدن في الخليج العربي ستستوعب 85 في المئة من إجمالي سكان المنطقة بحلول عام 2020، حيث يشهد كل من دولة الإمارات وقطر الزيادة الأسرع في أعداد سكان هذه المدن.

ويشكّل ارتفاع عدد السياح جزءاً كبيراً ومتنامياً من حجم الطلب على الأغذية والمشروبات، لا سيما في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات حيث يستقطب البلدان سنوياً أكثر من 25 مليون سائح. ويمثّل السياح بهدف أداء شعائر الحج والعمرة الجزء الأكبر من المجموع في المملكة العربية السعودية، في حين تأتي سياحة الترفيه والأعمال في مقدّم العوامل السياحية الجاذبة في دولة الإمارات. 

وتستعد دبي وحدها لاستقبال ما يزيد عن 25 مليون زائر خلال استضافتها معرض «إكسبو الدولي 2020» (Expo 2020) على مدى ستة أشهر، إضافة إلى الجهود الحالية لاستقطاب 20 مليون سائح دولي سنوياً بحلول عام 2020. وفي إطار مساعيها إلى جعل الإمارة وجهة رئيسية للسياحة، تبحث دبي باستمرار عن طرق جديدة ومبتكرة لزيادة أعداد السياح الإقليميين والدوليين. ويشكّل «مهرجان دبي للتسوّق» و«مهرجان دبي للمأكولات» جزءاً من هذه المبادرات الاستراتيجية المعدّة لتعزيز مكانة الإمارة كمركز عالمي رائد في صناعة الأغذية والمأكولات في المنطقة والعالم.

ومن المتوقع أن تتسارع وتيرة إقبال السياح الإقليميين بمتوسط نمو سنوي يبلغ 7.8 في المئة بين عامي 2014 و2024، ما يشكّل إضافة إلى حجم الطلب على الأغذية، خصوصاً في ما يتعلّق بالاتجاه المتنامي في دول الخليج والمتعلّق بالإقبال على تناول الطعام في المطاعم.

وإضافة إلى الطفرة السكانية وازدهار القطاع السياحي، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي أيضاً ارتفاعاً في حجم استثمارات شركات تصنيع الأغذية للاستفادة من الفرص الكبيرة المتاحة في السوق. ويرى التقرير أن استيراد الأغذية سيستمر على قدم وساق من أجل تلبية الطلب، في ظل الإنتاج الغذائي المحدود لدول مجلس التعاون الخليجي نتيجة مناخها الجاف وندرة أراضيها الصالحة للزراعة وقلة المياه. وتستورد دول مجلس التعاون 70 في المئة من حاجاتها الغذائية، حيث تشكّل الحبوب ٥٥ في المئة من إجمالي الواردات، وفقاً لدراسة تحليلية صدرت أخيراً عن مؤسسة «فروست آند سوليفان».

وتعتبر الإمارات رائدة في مجال استيراد وإعادة تصدير الأغذية لكامل المنطقة. ومن هنا، فإن فرصاً كبيرة أتيحت أمام صناعات إقليمية ذات صلة بقطاع الأغذية والمشروبات، مثل آلات التصنيع والتغليف والخدمات اللوجستية، إذ تخطّط المنطقة لزيادة حجم الاستثمار في التصنيع والتغليف النهائي وتوزيع السلع.

وقال المدير العام لـ«مجموعة أورينت بلانيت» نضال أبو زكي: «يتيح ازدهار قطاع الأغذية والمشروبات الإقليمي فرصاً كثيرة للمستثمرين العالميين الباحثين عن توسيع أعمالهم. ويشهد الطلب على الأغذية والمشروبات نمواً متواصلاً، ما يوفّر آفاقاً تجارية واعدة للشركات العاملة في هذا المجال. وفضلاً عن أن السوق تُعتبر مكتظة اليوم، فإنها تتميّز أيضاً بقدرة تنافسية عالية. ويستعرض تقريرنا مختلف الاتجاهات المؤثّرة في السوق الإقليمية، والتي يمكن أن تشكّل منهج عمل للشركات الساعية إلى ترسيخ مكانتها في هذا المجال».

ومن بين أحدث الاتجاهات التي تهيمن على السوق، زيادة الوعي الصحي وكذلك الرغبة في تناول الأطباق الغربية، ما يُحدِث تغيراً في العادات الغذائية في المنطقة ويحفّز الطلب على الأغذية العضوية والمأكولات العالمية. ويشير التقرير إلى توقّعات بوصول سوق الأغذية العضوية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 1.5 بليون دولار بحلول عام 2018. كما يدل الاهتمام المتزايد بالأغذية الطبيعية والعضوية في مختلف أنحاء المنطقة، على أن المستهلكين أصبحوا أكثر وعياً بما يأكلون، وهم في الواقع ينجذبون نحو الوجبات المغذية مع مراعاة صحتهم وعافيتهم. ويعكس مثل هذا التحوّل العام في أولويات المستهلكين تفضيلهم المتزايد الأغذية والمشروبات الصحية والآمنة بيئياً.

ويضيف التقرير أن الأغذية المعلّبة وتجارة المواد الغذائية بالتجزئة تبرز، إلى جانب الأغذية العضوية، كاتّجاهات رئيسة ضمن قطاع الأغذية والمشروبات في دول مجلس التعاون الخليجي. وإضافة إلى ذلك، تتيح سوق دول مجلس التعاون الخليجي فرصاً للصناعات ذات الصلة مثل آلات تصنيع الأغذية والتغليف والخدمات اللوجستية طالما يتم تصنيع الأغذية المستوردة في شكل مستمر سواء من أجل الاستهلاك المحلي أو من أجل إعادة التصدير.

وفـــي ظل هـــــذه الآفاق الواعدة، يدعو التقــــرير الشركات الساعية إلى دخول سوــــــق دول مجلس التعاون الخليجي، لاختيار القناة الصحيحة والشريك والموقع الصحيحين، كي تتمكّن من تأسيس حضور قوي لها في المنطقة.