سالم حميد

في الوقت الذي استهلت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة العام الميلادي الجديد بإعلانه عاماً للخير، باشر بقايا ذيول التنظيم السري الإخواني بتدشين وسْم متهالك على وسائل التواصل الاجتماعي، يؤكد مضمونه أن اليأس والانعزال الذي يعانيه خفافيش التطرف جعلهم يندفعون إلى مواصلة الهذيان في العالم الافتراضي، بعد أن أصبح المجتمع الإماراتي ينبذهم ويحذر الأجيال الجديدة من شرورهم. لذلك أصبح آخر ملاذ لأتباع هذا التيار الظلامي هو الصراخ وافتعال الضجيج عبر الإنترنت، لأن العالم الواقعي لم يعد يتقبل خطابهم التحريضي القائم على الخيانة وبث الكراهية ومعاداة قيم الولاء والانتماء الوطني إلى الإمارات.

لقد انكشفت الخطة الجديدة لأذناب التطرف بفعل حماقتهم وغرورهم، فالمرجع الوحيد لهم يكون دائماً من خارج الحدود، والمراوغة الإلكترونية الأخيرة كانت تقليداً لشباب الإخوان المتأسلمين في مصر الذين شعروا باليأس بعد انهيار التنظيم وهروب أقطابه إلى الخارج، وقاموا بمحاولات متعددة بهدف الحضور من جديد في الشارع المصري دون جدوى.

وفي محاولة لتبديل جلودهم كما تفعل بعض أنواع الثعابين السامة، وبإيعاز من رموز التنظيم الهاربين في الخارج، انتشر بشكل مفاجئ الوسم الذي يشير إلى مخطط فاشل يهدف إلى إعادة بعث ما يسمى «جمعية الإصلاح»، لكن بأسلوب مختلف يتماشى مع سياسة التخفي والتطاول على الدولة والمجتمع من وراء ستار. وهو أمر قابله المغردون في الإمارات بالسخرية والعبارات التي تؤكد مدى الوعي بأساليب المتطرفين الجديدة القديمة. فجمعية «الفتنة» لم تعد لها أي مشروعية قانونية، ولم يعد للإخوان المتأسلمين في بلد التسامح والخير أي مجال لبث الفرقة أو التطاول على رموز الدولة ودستورها وقوانينها.

يعرف الخونة أن المحاولة اليائسة لبعث المسميات المحظورة والمكروهة شعبياً لن تجدي، لذلك قرروا التحرك الافتراضي بحسابات وهمية معظمها من خارج الإمارات. وتحت وسم «جمعية الإصلاح الجديدة»، أعادوا تكرار طرح مقولاتهم القديمة، وغلفوها هذه المرة بمسحة سلفية تتغزل برموز التكفير وتدعي الالتزام بطاعة ولاة الأمر. وفي تناقض معهود من قبلهم يخلطون بين طاعة ولاة الأمر وبين رفض القوانين المتعلقة بتجريم التطرف والكراهية!

لكن هذه الزوبعة الافتراضية لم تمر بسهولة ولم يحقق مروجوها أي هدف سوى تذكير المجتمع الإماراتي بخطورة التطرف، فقد تلقى أصحابها درساً قاسياً من خلال المغردين الوطنيين، الذين بادروا بفضح الحسابات المكررة والوهمية التي روجت لحملة إحياء خطاب الشر والفتنة وذراعه التنظيمية الآفلة.

وأعلن رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات رفضهم لأي جماعة تتمسح بالدين لتمارس الحسبة والرقابة خارج القانون، لأن مجتمع الإمارات يتميز بالانفتاح والتعدد والتعايش وعدم القبول بمن يستغلون الدين لتمرير أجندات خاصة تخدم أهدافاً حزبية إخوانية. كما تفاعل سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية شخصياً على حسابه، وكتب الخلاصة قائلاً: «نهاية جمعية الإصلاح الجديدة تلحق زميلتها»، في إشارة إلى نهاية الذراع التنظيمية للإخوان في الإمارات. وكانت الجمعية القديمة تبني نشاطها على مدى أكثر من عشرين عاماً، وعندما انكشف استغلالها من قبل القائمين عليها لأغراض تخريبية تم تجميدها وإقفالها، وبالتالي لا قلق من حفنة مغردين يتخذون حسابات مزورة للترويج لأوهام لا مكان لها في سوى رؤوسهم.

ومن المؤكد أن موجة التفاعل الرافض لأي شكل من أشكال التحزب أو الوصاية باسم الدين كانت أكبر من المتوقع، ولم يكن أمام دعاة الفتنة والمراهقين والمبتدئين الذين غرروا بهم لخوض السجال عبر الإنترنت سوى الرد بالتكفير واتهام من يختلفون معهم بالليبرالية!

وبعد تتبع السلوك الافتراضي الموسمي لخلايا التطرف المتخفية على الإنترنت، اتضح أنهم يكثفون وجودهم لنشر خطابهم المتشدد في المناسبات الدينية لزعزعة ثقة المجتمع بعاداته وتقاليده والتشكيك بمؤسسات الدولة واستدعاء فتاوى من الكتب الصفراء التي تشجع على بث الكراهية والتكفير.

وما نخرج به بعد كل حملة يفتعلها هؤلاء المراهقون هو أن الإمارات عصية عليهم وأن بيئتها الاجتماعية المنفتحة لا تقبل الغلو والتشدد. وينبغي أن تستمر توعية الشباب وفضح الأهداف التخريبية للمتطرفين، وبخاصة أن أسلوبهم الجديد يعتمد على استغلال الإنترنت لنشر الأفكار المعادية للتسامح والتدين الوسطى الذي عرفت به الإمارات.