سلمان الدوسري

القصة أن ثلاثة مواطنين جرمتهم المحكمة بقتل اثنين من رجال الشرطة البحرينية وضابط إماراتي، وتم تنفيذ حكم الإعدام بحق المدانين الثلاثة الصادر من محكمة التمييز بعد استنفاد إجراءات المحاكمة عبر درجتين في ظل وجود محامين للمتهمين وبعد سماع أقوالهم وفقًا لأحكام قضائية مسببة تماشيًا مع الإجراءات المتعارف عليها دوليا، ثم بدأت الحفلة المعتادة من جماعات حقوق الإنسان ومنظمات دولية.
هذه الحفلات أصبحت مملة ومكرورة ومعتادة ولا تأتي بجديد، حتى لو دارت في دائرتها دول وحكومات، في ظل انتفاض حقوقي غربي صارخ أصبح تأثيره يتآكل ولم يعد كما كان، ليس لأن الناس لا تؤمن بدور المنظمات في ترسيخ حقوق الإنسان التي ما أكثر ما تنتهك هنا أو هناك، ولكن لأن نفس هؤلاء الناس سئموا من التسييس الفاضح لهذه المنظمات، وعدم وجود معايير فعلية تحكم ردود فعلها واختلافها بين قضية وأخرى.
منذ أحداث فبراير 2011 والبحرين تتعرض لحملة غربية شرسة، تشترك فيها منظمات وهيئات وحكومات وأيضاً للأسف دول إقليمية، ومع هذا تمكنت من تجاوز آثار الأزمة تدريجياً بنجاح، فالتسامح الذي قدمته كان يتجاوز دولا عريقة مرت بأزمات مشابهة وواجهتها بالعنف والقمع، وبدلاً من مساعدة البحرين على إنجاح مشروعها الإصلاحي، الذي للمفارقة بدأ قبل بداية ما يعرف بالربيع العربي بعقد كامل، كانت الهجمة قاسية ضد البحرين، وتخلى عنها الجميع إلا أصدقاءها الحقيقيين، حتى من تلبسوا بثوب الأخوة طعنوها وهم يبتسمون، لكن كل ذلك لم يمنع المملكة الخليجية من المضي في الإبحار لتجاوز أزمة هي الأقسى في تاريخها، وأثبتت قدرتها الفائقة على الخروج أقوى مما كانت.
مطلع هذا الشهر أدى اقتحام سجن في البحرين إلى هرب عشرة سجناء مدانين جميعهم بجرائم خطيرة، واعتبرت العملية التي تمّ التخطيط لها بشكل جيّد وقام خلالها المهاجمون الذين كانوا يحملون أسلحة متطورة بقتل أحد الحرّاس، دليلاً جديداً على أن ما تواجهه البحرين أكبر مما يراد تصويره وكأنه مواجهة بين معارضين سلميين وحكومة قمعية. الحقيقة أن هناك دلائل كثيرة على استغلال الأبرياء في خلايا مدعومة من إيران، التي تشكل خطورة كبيرة ليس على استقرار البحرين فحسب بل استقرار المنطقة بأكملها، ومحاولة عزل مثل هذه الأحداث عن الصورة الكاملة لما يحدث في البحرين هو انتهاك لحقوق الإنسان، إلا إذا كان الضحايا ليسوا بشرا!
للأسف التوظيف السياسي لقضايا حقوق الإنسان غالباً ما يفرغها من هدفها الأساسي ويحولها إلى ساحة للتجاذب السياسي عدا من كونها ساحة حقوقية صرفة، في البحرين مثلاً بدلاً من قيام هذه المنظمات الدولية بدورها في تعميق المفاهيم الضرورية وضبط أي انتهاكات محتملة والمساعدة على مراجعة السياسات والممارسات والتشريعات وجعلها أقرب إلى المعايير الدولية، ومساعدة مؤسسات المجتمع المدني وتحفيزها على تطوير منظومة حقوق الإنسان، نجد أن الأمر برمته يتحول إلى الإساءة للبحرين سياسيا، استنادا إلى معلومات مغلوطة ومصادر مشبوهة، كما في الحادثة الأخيرة التي ركز فيها على إعدام ثلاثة متهمين بينما تم إغفال حقوق الضحايا الثلاث وعوائلهم، ألا يفترض أن تكون هناك كذلك حقوق لـ25 قتيلاً من رجال الأمن البحرينيين وأكثر من 3800 فرد أصيبوا منذ عام 2011 في مواجهات مع متظاهرين، أم إن هؤلاء ليس لهم حقوق ولا ينبغي محاسبة من قتلهم؟!