رائد جبر 

لندن، جنيف، بيروت، نيويورك - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - اختتمت الدول الراعية لمفاوضات آستانة يومين من النقاشات، التي وصفها الروس بأنها كانت «صعبة ولكن بنّاءة»، بإصدار بيان لم يوقّع عليه وفدا الحكومة السورية والمعارضة تضمن «آلية مشتركة» للرقابة من روسيا وتركيا وإيران ودعم انعقاد مفاوضات جنيف بمشاركة فصائل مقاتلة بعد ابتعادها عن «فتح الشام» (النصرة سابقاً)، في وقت اندلعت مواجهات عنيفة بين «فتح الشام» وفصائل حضر ممثلوها آستانة واستمر هجوم القوات النظامية و «حزب الله» على وادي بردى قرب دمشق وسط أنباء عن إرسال روسيا طائرة استطلاع لمراقبة المنطقة.

وبدا واضحاً بعد الجلسة الصباحية أمس، أن وفدي المعارضة والحكومة فشلا في تقريب وجهات النظر حيال آليات تطبيق وقف النار والضمانات التي يطلبها كل طرف، ما عزز التوجّه إلى صدور البيان الختامي من جانب الأطراف الثلاثة الراعية روسيا وتركيا وإيران من دون توقيع طرفي الأزمة عليه. وعلى رغم أجواء التشاؤم التي سيطرت على المفاوضات أمس، جاء البيان الثلاثي الختامي ليؤكد التزام الأطراف الراعية تثبيت وقف النار و «إنشاء آلية مشتركة للرقابة وضمان الالتزام الكامل لوقف النار ومنع الأعمال الاستفزازية»، والتزام موسكو وطهران وأنقرة محاربة الإرهاب والعمل على فصل تنظيمي «داعش» و «جبهة النصرة» عن «مجموعات المعارضة المسلحة». كما أيد إطلاق «مفاوضات تستند إلى قرار مجلس الأمن 2254».

وفور صدور البيان المشترك، راوحت ردود أفعال الأطراف المشاركة بين الترحيب وتأكيد ضرورة التزام بنوده. وأكد رئيس الوفد الحكومي بشار الجعفري أن «مفاوضات آستانة نجحت في تحقيق هدف تثبيت وقف الأعمال القتالية لفترة محددة الأمر الذي يمهد للحوار بين السوريين». وأعلن رئيس وفد المعارضة محمد علوش (من «جيش الإسلام») أن «روسيا انتقلت من طرف داعم للحكومة السورية إلى طرف ضامن يحاول تذليل العقبات».

وزاد أن المعارضة «قدمت ورقة إلى الجانب التركي والأمم المتحدة والروس، تتضمن آليات وقف النار لإلحاقها باتفاقية 30 كانون الأول (ديسمبر)، من أجل تثبيت الاتفاق». وشدد على أن المعارضة السورية «ستذهب إلى جنيف، فقط في حال تثبيت وقف النار من قبل الحكومة وضمان آلية مراقبته». وأضاف: «إلى الآن لا يوجد تقدم يذكر في المفاوضات بسبب تعنت إيران» ودمشق.

ميدانياً، أشار»المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إلى أن منطقة وادي بردى تشهد «انفجارات عنيفة» ناجمة عن قصف مدفعي وصاروخي على قرية عين الفيجة ومناطق أخرى في الوادي، بالتزامن مع بدء القوات النظامية محاولة جديدة للتقدم في المنطقة بمساعدة «حزب الله» اللبناني ومسلحين موالين للحكومة السورية، متحدثاً عن «اشتباكات عنيفة» بين الأطراف المشاركة في الهجوم وبين الفصائل المقاتلة والإسلامية. وأوضح أن القوات النظامية تسعى تحديداً إلى تحقيق تقدّم في منطقة عين الفيجة. وفي هذا الإطار، قال الجعفري في آستانة إن القوات الحكومية ستواصل هجومها في وادي بردى طالما ظلت العاصمة محرومة من المياه.

كذلك قال «المرصد» إن «اشتباكات عنيفة دارت على جبهات عدة في محافظة إدلب (شمال غرب) وريف حلب (شمال) الغربي بين جبهة فتح الشام وفصائل إسلامية». وبدأت الاشتباكات بهجوم لـ «جبهة فتح الشام» على معسكر لفصيل «جيش المجاهدين»، ما أسفر عن حملات اعتقال بين الطرفين ومعارك توسعت لاحقاً لتشمل فصائل إسلامية معارضة أخرى، بينها حركة أحرار الشام و «الجبهة الشامية» و «صقور الشام»، علماً أن «جيش المجاهدين» مدعوم من الغرب وشارك في آستانة. وقال مدير العلاقات الخارجية السياسية لـ «أحرار الشام» لبيب النحاس: «جبهة فتح الشام أمام مفترق طرق: إما أن تنضم بشكل نهائي للثورة أو تكون داعش جديدة».

إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة الثلثاء أنها ستحتاج إلى ما إجماليه ثمانية بلايين دولار هذا العام لتوفير المساعدات اللازمة لإنقاذ حياة ملايين من السوريين داخل بلدهم الممزق واللاجئين والمجتمعات التي تستضيفهم في بلدان مجاورة.

وأفيد في نيويورك أمس أن دي ميستورا سيقدم تقريراً إلى مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة مطلع الأسبوع المقبل حول نتائج آستانة والاستعدادات لمفاوضات جنيف الشهر المقبل. وقال ديبلوماسيون إنه سيشارك في جلسة لمجلس الأمن الإثنين.

وقال الناطق باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إن دي ميستورا «يواصل العمل على تحقيق أكبر مشاركة ممكنة في مفاوضات جنيف من الأطراف المعنيين».