محمد غندور
مرة جديدة تُثبت مواقع التواصل الاجتماعي قوة تأثيرها وسرعة انتشار محـــتواها سلبياً كان أو أيجابياً. وحادثة شيرين عبدالوهاب الأخــيرة في حفلة زفاف كنده حسن وعمرو يوسف، لن تكون الفضيحة الأخيرة المسرّبة من حفلة خاصة. وهنا تصح كلمة فضيحة لأن الفــعل بات علـــنياً في إمكان الجميع مشاهدته، على عكس ما كانت تتوقع الفــنانة المصرية التي أساءت إلى زملاء لها حققوا في عالم الفن أكثر مما حققته.
واقعة الانتقاد هذه، كانت لتمر مرور الكرام قبل سنوات عشر، لكن في عصر النقل المباشر وتسجيل الصوت والصورة، ثمة دليل قاطع على الفعل يُدين المنتقِد أو الشاتم. واللافت أن الفضائح الفنية تتوالى، علماً أن ما يُسرّب ضمن حلقات اجتماعية ضيقة أخطر بكثير مما نستطيع البحث عنه على «يوتيوب» أو «تويتــر» أو «فايسبوك». فثــمة كلام كثير عن أن بعض الإعلاميين الفضائحيين يملـــكون فيديوات لفنانين وحتى سياسيين في أوضــاع فاضــحة أو مضحكة أو لا تليق بسمعتهم.
هذه العلاقة الجدلية بين مواقع التواصل الاجتماعي والفنانين، سينتج منها لاحقاً كثير من المواقف المضحكة والخبيثة والعبثية. فبعدما «تحرّر» الفنانون من مضايقات مصوري الباباراتزي وملاحقاتهم الدائمة، باتوا في قبضة المجتمع، فالكل بات باباراتزي، وتحول الجميع إلى صحافيين ومصورين قادرين على نقل الحدث أو الفضيحة خلال دقائق ونشرها على مواقع التواصل.
لم يدرك أكثر الفــنانين والمشاهير عموماً بعد، أنهم مراقبون على مدار الساعة، من معجبيهم وأصدقائهم والمقربين منهم. فقبل أيام كتبت الفنانة كارول سماحة معـــزية برحيل والد ميريام فارس: «فلـــتركض (فلــترقد) روحه بسلام». هذا الخطأ المطبعي تحـوّل عبر «فايسبوك» إلى طـــرفـــة اليوم. ربـما صححت الفنانة الخطأ، لكن بعض المتابعين ينتظرون أخطاء كهذه لنشرها والتعليق عليها، وكسب متابعين جــدد لصفحاتهم.
كما أن هذه الفضائح لم تعد حكراً على المشاهير، فـ«يوتيوب» مليء بمواقف مضحكة ومذلة أحياناً لأشخاص عاديين، لم يكن الهدف من نشرها إضحاك الناس، وإنما التشهير بالشخص الذي يغدو بعد شهر أو شهرين مشهوراً لارتفاع نسبة مشاهدة الفيديو وانتشاره.
لم يفهم الفنانون بعد أن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، قادر على إيصال عفويتهم إلى الجمهور ومشاركته فترات من يومياتهم، لكنه في الوقت ذاته قادر على تدمير هذه الصورة الأيقونية التي يجهدون لرسمها وتقديمها للمعجبين.
الأخطاء الموثقة في عصرنا تعيش وتنتقل من جيل إلى آخر، على عكس الأخطاء في السابق. فمن المؤكد أن أم كلثوم أو عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش، ارتكبوا هفوات موثقة في كتب (وما أقل قرّاء اليوم)، وليست منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.
قلصت الأخيرة حرية الفنانين في التعبير عن آرائهم في موضوع معين، خصوصاً لدى وجودهم مع مجموعة لا يعرفون كل أعضائها، وبات الأمر أشبه بالمشاركة في تظاهرة المُخبرون فيها أكثر من المتظاهرين.
وهذه هي السلبية الأكثر تأثيراً وضرراً في مواقع التواصل الاجتماعي: التخلي عن الخصوصية لمصلحة الانتشار والعمومية، فإما أن يتنبه الفنان لكل أفعاله وأقواله وضحكاته وتصرفاته، وإما أن يحتفظ بآرائه الانتقادية ليفصح عنها أمام من يثق بهم، أو أن تكون تصريحاته وانتقاداته على شاشات التلفزيون وليست مسربة من حفلة خاصة.
شن الجمهور السوري مثلاً حملة مقاطعة كبيرة للمغنية أصالة نصري، بعد تسريب تصريحات لها تدعم فيها الثورة في بلادها، ولاحقاً باتت تصريحاتها علنية مع الثورة وضد النظام وبشار الأسد.
وفي المقابل ثمة كثير من مقاطع الفيديو المسربة التي ساعدت بطريقة إيجابية على تقديم صورة النجم بطريقة لم يعتدها الجمهور، كالمقاطع المسربة للفنان ملحم زين قبل أن يصبح نجماً وهو ينشد بصوته الحنون والقوي بعض الأناشيد الإسلامية، وثمة مقاطع مسربة لوائل كفوري من سهرة خاصة تظهره يغني والميكروفون بعيد من فمه نحو نصف متر، ما يدل على قوة صوته ونقائه، وأخرى لفنانات يقلدن زميلات لهن بطريقة محترمة وكوميدية.
وفضائح وسائل التواصل ليست حكراً على العرب، إذ إن فضائح الفنانين المسربة في الغرب أشنع وأقوى وأكثر جرأة، ويبقى أبرزها ما نشرته بائعة هوى في البرازيل أمضت ليلة مع المغني الشاب جاستين بيبر وبثّت صورته نائماً في فراشها ونشرت مقطع الفيديو عبر «فايسبوك».
التعليقات