رانيا حفنى

الكثير من الآراء تجمع على أن المغرب العربي يتجه إلى عهد إرهابي جديد، من "قاعدة" بن لادن والظواهري، إلى "داعش" البغدادي وابنه الشرعي "دامس" المغاربي، الذي كثر الحديث عنه منذ إعلان "التحالف الدولي" الحرب على "دولة الخلافة" في العراق والشام.

هذا تعتبر الجزائر من أكثر الدول المحاطة بالتهديدات من عدة جهات. ويعتبر الخبراء الأمنين في الجزائر أن التهديد الليبي هو الأخطر، لانعدام المؤسسات بهذا البلد و انتشار الفوضى و الجماعات الإرهابية. ولقد اكد العديد من مراكز الدراسات ان داعش قد بات قاب قوسين أو أدنى من افتتاح فرع له في المغرب العربي، وقد اختير له مسمى تنظيم "دامس" ليكون بمثابة الممثل الإقليمي بشمال أفريقيا.

المشكلة تتمثل في توافر أعداد ضخمة ضمن مقاتلي داعش بالعراق وسوريا من دول المغرب العربي، لا سيما من المغرب والجزائر وتونس وليبيا، على استعداد للالتحاق بفرع التنظيم بمنطقتهم. ولذا توْكد تقارير استخباراتية إن بلدان المغرب العربي ستكون لا محالة منصة تمركز إستراتيجية لداعش وستكون الأرض الخصبة لهم. ولعل ما يعطي هذه الفرضية عمقا حقيقيا هو وجود انصار لة اعلنوا عن تنظيم "بوكو حرام" بنيجيريا. كما ان ليبيا تحولت الي منصة لإطلاق تنظيم دامس نتيجة لتوافر مصادر التمويل السهلة، وباعتبار ليبيا البيئة الحاضنة لعناصر التنظيم القادمة من العراق وبلاد الشام، وكونها المعبر الجغرافي المناسب للتحرك صوب أفريقيا.

أيضا تعتبر تونس نقطة لعبور التنظيم، ليس فقط كونها قلب جغرافية المغرب العربي، ولكن لأنها أصبحت ارض ضمت عدد لا يقل عن 6000 مقاتل من المقاتلين التونسيين ومن العراق وسوريا، والتحاق آخرين بها من جنسيات جزائرية وموريتانية ونيجيرية وغيرها. وبالرغم من البعد الجغرافي للمغرب عن مركز

"خلافة داعش"، الا انة لم يسلم من تهديدة بتحويله إلى "ساحة حرب" استنادا الي ان تنظيم داعش بالعراق وسوريا يضم من بين أعضائه المئات من المقاتلين المغاربة.

ومن الواضح بلا ادني شك أن داعش تسير باتجاه هيكلة فرع له بالمغرب العربي ليصبح القوة الضاربة بشمال أفريقيا والمتوسط وأفريقيا جنوب الصحراء. وعلى الرغم من نجاح المغرب في تفكيك عشرات الخلايا النائمة، وإحباط عدد من العمليات والهجمات، التي كان التنظيم على وشك تنفيذها، فإن الوضع الأمني المتوتر في منطقة المغرب العربي عموما يثير ضغطا متزايدا على البلاد. وقد أعلنت دول أوروبية عن إحباطها هجمات إرهابية وشيكة بفضل معلومات استخباراتية وصلت إليها عبر مكتب محاربة الإرهاب في المغرب. لكن المغرب يخشي من نقاط التوتر في منطقة المغرب العربي والهجرة المعاكسة للمقاتلين المغاربة.

ويبقى التحدي الأكبر في التنسيق الأمني بين المغرب والجزائر وتونس لتعزيز الرقابة على المناطق الحدودية. ويمكن القول إن النهج الشامل الذي اتبعه المغرب لمكافحة التطرف والعنف داخل حدوده يعد نموذجًا يحتذى لدول المنطقة. فبعد تفجيرات الدار البيضاء في 2003، أصدرت الحكومة المغربية قانونًا جديدًا لمواجهة الإرهاب، تضمن ذلك القانون تغليظ العقوبات لتشمل السجن بعشر سنوات لمن يتورط في أعمال الإرهاب، والسجن المؤبّد إذا تسببت الأعمال الإرهابية في إحداث إصابات جسيمة للآخرين، وعقوبة الموت إذا أودت بحياة أية ضحايا.