سعيد السريحي

ذهب وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في كلمته، التي ألقاها خلال ترؤسه لأعمال اللجنة العليا في الحج، إلى أن الحديث عن تجديد الخطاب الديني ليس معناه تجديد محتوى الخطاب لأنه ثابت بل تجديد الوسيلة البشرية المستخدمة في التوعية خصوصا ما يتعلق بالتقنية الحديثة التي سيطرت على الناس في هذا الوقت.

وما ذهب إليه الوزير صحيح لا يتطرق إليه الشك، إذا كان مفهوم «الخطاب الديني» يتطابق مع مفهوم «الدين»، كما أنه صحيح كذلك لو أن المشكلة التي عانت منها الشعوب الإسلامية، بل والعالم أجمع، يمكن اختصارها في أنها مشكلة تتعلق بالوسائل المستخدمة والتقنيات الحديثة التي سيطرت على الناس في هذا الوقت، على حد ما ذهب إليه الوزير.

غير أننا إذا أردنا أن نفقه المسألة فقه من يبحث عن حل للمأزق الذي انتهينا إليه، فإن علينا أن نميز بين «الدين» المتمثل في الأصلين الثابتين القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة و«الخطاب الديني» وتمثله كافة الاجتهادات التي دارت حول هذين الأصلين الثابتين، وهي اجتهادات ترتهن لما يرتهن له الجهد الإنساني من احتمالات الخطأ والصواب، من باب كلّ يؤخذ منه ويُرد عليه، كما أنها اجتهادات تخضع لظروف وملابسات العصور التي ظهرت فيها، ولذلك فإنها هي موضع المراجعة والتصحيح والتحديث والتجديد، وحين يتحدث العلماء عن فقه الواقع أو فقه النوازل فإنهم لا يتحدثون عن الوسائل المستخدمة في التوعية وإنما يتحدثون عن إعادة فهم النصوص الشرعية بما يتلاءم مع المستجدات وما لا يتعارض مع مقاصد الشرع كذلك.

لذلك كله فإن التجديد ينبغي أن يكون تجديدا في محتوى الخطاب الديني، وذلك بتكريس مقاصده العليا وتنقيته مما شابه من انحرافات وأخطاء وتشدد وتعنت، وإعادته إلى المحجة البيضاء التي لا يزوغ عنها إلا هالك، فإذا ما تحقق ذلك كان أمر الوسائل التقنية الحديثة، التي اختصر الوزير المسألة فيها، أمرا سهلا.