علي أحمد البغلي

نرجو أن تحدث المجزرة التي قام بها «الدواعش» في العريش، والتي كانت حصيلتها أكثر من 300 قتيل وأضعافهم من الجرحى، صحوة في ضمير أشقاء لهم في الاتجاه الأصولي المتطرّف.. متمنين أن تصدم مجزرة العريش والتي كان ضحاياها من المؤمنين المصلين فرض الجمعة العزيزة على قلب كل مسلم، وقد رأينا أقارب الضحايا بأزيائهم العربية الصحراوية ولحاهم الطويلة الكثة، وهم مسلمون موحّدون وليسوا كفاراً، كما يحلو لــ«الدواعش» المعلنين والمتخفين تبرير الجرائم التي يرتكبونها ضد البشرية جمعاء!
لم يحدث أن قام متطرّفون ــــ من غير جماعتنا ــــ بقتل الناس بدم بارد في بيوت العبادة.. ونتذكر منذ أسابيع قيام متطرّف أميركي بإطلاق النار وقتل المئات في مدينة لاس فيغاس، وفي حفل غنائي.. أما قتل المصلين في دور العبادة فقد أصبح من تخصّص «دواعش» القرن الــ 21، وهم من صنع أيدينا.. فنحن كلنا نلام على وجودهم بين ظهرانينا.. عندما رضينا بتغيير مناهجنا لتناسب مناهجهم، وعندما وافقنا على افتتاح فروع لتنظيماتهم الإرهابية في كل شارع وحارة بمناطقنا. وعندما رضينا بإقامة مخيّماتهم التبشيرية، وصناديق إعاناتهم، ومئات البلاوي والتجاوزات الأخلاقية والمالية.. وها نحن والعالم كله يحصد ويجني المر والويلات مما زرعناه!
* * *
نترك قليلاً مجازر المساجد وننتقل لدول الغرب التي يحلو لمتطرّفينا تلقيبها بالكافرة.. فقد كنت في رحلة عمل قصيرة إلى عاصمة الإمبراطورية الرومانية (روما) وعاصمة الجمال والفن (فلورنسا) وقضيت ساعات فراغي في التجوّل والتنزّه في شوارعها وحدائقها وكنائسها المهيبة التي تجبر الإنسان على الشعور بقشعريرة الجمال والفن لمشاهدته لوحات وتماثيل عمالقة الفن العالمي، التي طبقت شهرتهم الآفاق، وتجاوزت أسعار لوحاتهم في المزادات 400 مليون دولار، بيعت بها لوحة لليونارود دافنشي في نيويورك الأسبوع الماضي.. في كنائس روما وفلورنسا، ينسيك دافنشي وصحبه القرن الــ 21 ويرجعونك الى قرونهم السابقة؛ قرون الفن والجمال.
شعرت بالأسى والحزن لأن مساجدنا استحالت إلى أماكن مجازر بشرية.. في حين ان كنائس الغرب أصبحت متاحف فنية!
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.