يوسف الكويليت

السياسيون العرب أشطر من يستغل العاطفة الشعبية بالتهييج كردات فعل عاطفية استغلت من قبل أطراف حزبية أو حكومية، ومن أهمها على الإطلاق سلاح المقاطعة التي بدأت بإسرائيل؛ والتي تعاملت مع العرب بمهنية حين استغلت شركات أوروبية وأمريكية تمرير منتجاتها للسوق العربية، وفي حربي 1967م، 1973م تم حظر النفط العربي على بريطانيا وأمريكا، وكانت المفاجأة أن دولاً منتجة ادعت المقاطعة باعت سرا نفطها في الأسواق العالمية، وبعد "كامب ديفيد"، وتوقيع الرئيس السادات صلحاً مع إسرائيل قوطعت مصر من قبل دول أعضاء الجامعة العربية إلا القليل منهم لمدة عشر سنوات بما فيها نقل مقر الجامعة لتونس، وبعد صمت الأصوات، عادت العلاقات لطبيعتها وعفا الله عما سلف!!.

أعلن (ترمب) نقل سفارة بلاده للقدس واعتبارها عاصمة إسرائيل الأبدية، وهذه كشفت مدى التلاعب بالعقل العربي والإسلامي من قبل بقايا اليساريين، وإيران (دولة شطب إسرائيل من الخارطة العالمية)، وتركيا المعترفة أصلاً، وقبل الخطوة الأمريكية بأن القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ثم جاء اللحن الدارج العربي بتخوين من ليس له أي علاقة سرية أو رسمية بإسرائيل كتعبئة من دول إقليمية وقطر، وقطعاً فُتحت الملفات بمقاطعة أمريكا وسحب الودائع والسندات وكل ما له صلة سياسية واقتصادية معها..

على المستوى النظري شيء رائع أن يُجمع العالم الإسلامي على مثل هذا القرار، لكن الحقيقة عكس هذه الأماني تماماً، فهل ستنسحب كل الدول من الاتفاقات مع أمريكا وتقاطع الدول التي لديها سفارات أو ممثلون دبلوماسيون مع إسرائيل وأعضاء بعثاتهم؟!.

نجح (غاندي) حين دعا شعب الهند رفض شراء المنسوجات البريطانية أو صادراتها الزراعية، فكسب الاستقلال بإجماع شعبي، فكان رمزاً لزعامة تاريخية، ونجحت اليابان بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية شراء أي سلعة أمريكية وهي واقعة تحت الاحتلال، فشكلت نموذجاً لإرادة شعب استطاع بعد عدة عقود غزو أمريكا بمنتجاته التقنية والاقتصادية..

ما توفر للهند واليابان، لا يقبل التعميم على العرب تحديداً؛ لأنهم فاقدو الإرادة الواحدة، والدلائل كثيرة، فشماتتهم ببعضهم في حروب إسرائيل وإيران والغزو الأمريكي للعراق وغيرها، تثبت أن سلعة الشعارات هي الرائجة مخالفاً لما تبطنه النفوس، وحالة الإزدواجية بين ما يفكر به السياسي العربي، وما يسلكه من دعاوى تضاد أي مشروع عربي، أمني، أو سياسي، عادة عرفناها في نصف القرن الماضي، وبالتالي كيف نثق ببعضنا ونحن نعرف أن الخيانة في عرف البعض شطارة، والتحالف مع العدو، حماية للأمن الوطني، ولذلك سقط مفهوم المزايدات فكلنا يدرك كيف تنقطع المسافات بينه وأخيه لأي سبب، وهنا ضاع الحق في سراب التضامن والوحدة لأننا أمة بنت مبادئها على الشتات!.