ثريا شاهين

إقامة سفارة للبنان في القدس على الرغم من اهميته كموقف سياسي في وجه العدو الاسرائيلي، يواجه اشكالية قانونية كبيرة، لناحية ان القدس خاضعة للاحتلال الاسرائيلي وليس من السهل على الاطلاق تنفيذ قرار لبناني من هذا النوع.

والسؤال الذي تطرحه اوساط ديبلوماسية، هو "هل القرار السياسي بامتياز حول اقامة السفارة في القدس قابل للتنفيذ قانوناً؟. واذا اقام لبنان شيئاً تحت سلطة الاحتلال فكيف ستكون الترجمة له؟ واذا تم تخطي المسألة القانونية وتداعياتها الى الامور الاجرائية، فماذا يعني اقامة السفارة، وهل يمكن للسفير ان يكون في السفارة، وهل سيسمح له بالعبور الى القدس، وعن اي معبر يمكنه العبور، وهل بامكانه العودة الى لبنان ساعة يشاء؟". ان رمزية القرار السياسي في هذا الشأن جيدة، لكن في الوقت نفسه يمكن تبادل قطع الارض بين لبنان وفلسطين في مسألة اقامة السفارات. ويمكن على مراحل وبالتنسيق مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، تكريس الارض لبناء سفارة للبنان عليها. حتى الآن يمكن القول ان هناك عقبات قانونية ولوجستية.

اليوم، كل المقاربة للموضوع هي سياسية، وهي تندرج الى حد بعيد، في سياق الموقف اللبناني المتصل بموقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب حول القدس واعتبارها عاصمة اسرائيل. في السياسة، اي خرق لقانون دولي ما، يمكنه ان يكون في اطار آلية فرض العقوبات، والتي تكون على نوعين: الاول: عقوبات ثنائية تتخذها التشريعات داخل اية دولة، مثل العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على روسيا، او عقوبات الاتحاد الاوروبي على روسيا ابان قضية اوكرانيا. والثاني: عن طريق مجلس الامن والذي يفترض تأمين تسعة اصوات داخل المجلس. في حالة مثل هذه، لن تقبل الولايات المتحدة بفرض عقوبات لا عليها ولا على اسرائيل وهذا ما حصل اخيراً لدى طرح مصر مشروع قرار حول القدس واستخدمت واشنطن الفيتو.

لبنان في مسألة فتح سفارة في القدس يبدو متقدماً، فهل له مصلحة في ذلك؟ الكلام في السياسة، بحسب المصادر، منطقي، لكنه من دون شك قد يحوي احراجاً لاكثر من طرف، لا سيما للفلسطينيين بحيث ان القيادة غير قادرة على الذهاب اكثر في مواقفها تجاه الولايات المتحدة واسرائيل في الوقت نفسه.

ما يعني لبنان في مجال الموضوع الفلسطيني، هو، اولاً: الحدود في الجنوب وترسيمها واعادة الاراضي اللبنانية التي لا تزال تحتلها اسرائيل وهي مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والنقاط الحدودية التي يجب ان تكون تابعة للحدود اللبنانية وما يتضمنه الامر من ترسيم للحدود. ثانياً: موضوع المخيمات ومعالجة انعكاسات اي محاولة لتحريكها سياسياً او امنياً. ثالثاً: اهم مسألة هي معالجة ملف اللاجئين الفلسطينيين لا سيما وان لبنان يرفض في دستوره التوطين، ويفترض اعادتهم الى دولتهم المعهودة.

عملياً، لن يحصل شيء على صعيد اقامة السفارة. لكن المجموعة العربية في الامم المتحدة وفلسطين لجأا الى الجمعية العامة للامم المتحدة. ولو كان قرارها غير ملزم لكنه يجسد موقفاً عربياً جامعاً يمكن الرجوع اليه لدى حصول مفاوضات سلمية لاحقاً، ويشكل عاملاً مساعداً تماماً مثل القرار ١٨٤ حول حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.

لبنان في الاساس يدعو الى التمسك بالمبادرة العربية للسلام، ورفض التوطين الفلسطيني وحدود ما قبل الـ ٦٧، وحق اللاجئين بالعودة وفق القرار ١٨٤.