محمد عبدالله العوين

 خلال الأسبوع الأول من ولايته فقط، أصدر ترامب ثلاثة قرارات؛ منها اثنان ما زالا يثيران جدلا واسعا؛ هما جدار العزل بين أمريكا والمكسيك، والثاني وهو الأكثر سخونة قانون اللجوء إلى الولايات المتحدة.. أما الثالث فما زال قيد الدراسة لدى قيادة الجيش الأمريكي؛ حيث طلب منها ترامب خلال شهر واحد فقط تقديم خطة محكمة لاستئصال داعش من سوريا والعراق.

ويهمنا القراران الثاني والثالث؛ إذ إن الفصل بين المكسيك وأمريكا شأن داخلي بحت لا شأن لنا به على الإطلاق.

وقرار اللجوء ليس على إطلاقه؛ فقد صدر بصيغ متعددة، منها مثلا: إيقاف برنامج قبول اللاجئين في الولايات المتحدة لمدة 120 يوما، وهنا تعميم وإطلاق، إذ لم يحدد دولة بذاتها، فقد يشمل طلبات اللاجئين من دول أمريكا الجنوبية أو من أفريقيا أو شرق آسيا، ولكنه نص على فرض حظر على اللاجئين من سوريا لحين حدوث «تغييرات مهمة تتوافق مع المصلحة الوطنية» وتحمل هذه العبارة المقتبسة من نص القرار إشارات مبهمة إلى أن من المحتمل حصول تغيير مفاجئ في سوريا، وهو ما يمكن أن يفسر عزم ترامب على إنهاء المشكل السوري باعتباره بؤرة استقطاب لتفريخ الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط والعالم، ويؤكد النص أيضا ما ينويه الرئيس بشن حملة عسكرية على تنظيم داعش الإرهابي في سوريا.

وتعليق السماح بدخول القادمين من العراق وسوريا ولبنان والبلدان التي صنفت على أنها «مناطق مثيرة للقلق لمدة تسعين يوما»، وقد فسر مفهوم «البلدان المثيرة للقلق» بفرض حظر الدخول إلى الولايات المتحدة على القادمين من إيران واليمن والسودان والصومال وليبيا، إضافة إلى العراق وسوريا.

وقد استثنى القرار طلبات اللجوء المقدمة من مواطني البلدان السبع المذكورة المسيحيين أو من ينتمي إلى أقليات دينية أخرى، وكأنه بهذا الاستثناء يخص المسلمين فقط من قبول طلبات لجوئهم؛ مع أن الاضطهاد في الدول المضطربة لا يكتوي به منتمون إلى دين معين؛ بل يشمل الجميع من فيهم المسلمون والمسيحيون، ويؤخذ على القرار التعميم المطلق الذي شمل الطلبات المقدمة من الدول السبع المذكورة للعمل أو للزيارة أو للجوء دون النظر أو التدقيق في ملفاتهم الأمنية، ولو كان أي منهم يحمل «الجرين كارد» Green Card أي بطاقة الإقامة الدائمة، وحتى لو كان أي منهم أيضا يعمل أو عمل مع الجيوش الأمريكية في مناطق الصراع، أو يؤدي خدمات ممتازة للمجتمع الأمريكي في التعليم أو الطب أو التقنية أو التجارة، وحتى لو كان سجله الأمني نظيفا ولا ملحوظة يمكن أن تثير الشك حول تفكيره أو انتمائه أو رؤيته للحضارة الأمريكية ومفهوم التعايش.

ومنذ صدور قرار اللجوء والمطارات في معظم دول العالم تعيش فيما يشبه الفوضى؛ بسبب تطبيق الأجهزة الأمنية في المطارات منع سفر المنتمين إلى الدول السبع المشمولة بحظر الدخول إلى أمريكا.

ويضرب قرار اللجوء على أساس التفرقة الدينية «الدستور الأمريكي» في الصميم ويتعارض مع الثقافة الغربية ومفهوم الحرية في المعتقد ومقاومة التفرقة العنصرية على أساس اللون أو الدين؛ ولهذا أثار ردود فعل واسعة على مستوى العالم، ولم يبد عدد من القادة الأوروبيين الموافقة عليه، ودعت منظمات حقوقية في أمريكا إلى تظاهرات منددة به، كما أعلن قضاة في محاكم أمريكية نقضهم القرار.

أما دعوة ترامب الجيش الأمريكي إلى وضع خطة لضرب داعش خلال شهر حتى لو استدعى الأمر تدخلا بريا؛ فهو قرار شجاع وجريء وينسف فشل الإدارة الأمريكية السابقة وتحالفها الدولي الذي لم يستطع خلال خمس سنوات القضاء على هذا التنظيم الإرهابي.

هل ستتوقف مفاجآت ترامب عندما صدر من قرارات خلال الأسبوع الأول من رئاسته؟!

شخصيته المغامرة وأسلوبه في التفكير وتكوينه الاقتصادي البحت ونزعته إلى التفرد توحي بأن أمريكا والعالم يدخل الآن إلى مرحلة جديدة مختلفة حبلى بكثير من المفاجآت