غسان حجار
وهذا لا يقوّيه في دولة تقاسم الحصص، ولا يفيده فعليا في الانتخابات النيابية. لكن الجميل، وإن كسب شعبياً، فهو يمارس غوغائية، اذ ان الضرائب ليست جديدة بل كان متفق عليها منذ العام 2014، وقد شارك نائبا حزب الكتائب فادي الهبر وسامر سعادة في عمل اللجان التي درست الاقتراحات آنذاك، وأُشبعت الضرائب درساً في اللجان النيابية المشتركة التي تضم الكتائب بالتأكيد، وتم الاتفاق عليها، علما ان الجميل الابن نجح في خلق جو معاد للضرائب والحكومة والمجلس معاً، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يسجل في خانته.
لكن المعطلين كثر، وقد تلاقت مصالحهم من دون ان يعلنوا ذلك. اساتذة التعليم الثانوي بإضرابهم واعتراضهم اوجدوا حالة معادية للسلسلة بشكلها الراهن، ما اخاف المشرّع من ان تتمدد هذه الحالة الاعتراضية وتؤثر على الاستقرار العام. وهم بذلك عطلوا السلسلة.
القضاة الذين رفضوا إدراجهم في السلسلة كموظفين، ولهم كل الحق، اوجدوا ايضا حالة اعتراضية بلغت اصداؤها مجلس النواب، ووجد المشرّع ان ثمة حاجة الى تعديلات ضرورية.
هيئات التفتيش والرقابة التي اعترضت على إلغاء دورها من خلال بنود اعتبرت اصلاحية لمراقبة الموظف ومعاقبته وهي الغائية للمؤسسات، ساهمت في ارباك المشرعين ايضاً.
والمجتمع المدني الذي يتحرك احيانا من دون رؤية او مشروع، معترضا على كل انواع الضرائب، ساهم ايضا في "تطيير" السلسلة، وهو غير قادر على تقديم اقتراحات بديلة لتأمين ايرادات للخزينة تغطي النفقات، الا المطالبة بالقضاء على الفساد وضبط الهدر والسرقات. وهذا شعار فضفاض لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تحقيقه، ليس بسبب الغطاء السياسي والحزبي والطائفي للسارقين، بل لان الفساد نخر العظام اللبنانية، ولم ينجُ منه حتى المطالبين بالقضاء عليه. وكلنا امام شواهد على ذلك، اذ لم يتوقف الهدر في الوزارات، سواء تولاها وزراء من "التغيير والاصلاح" او من "حزب الله" او حتى من الكتائب.
أضف الى كل هذا، تكتل المصارف والشركات الكبيرة وجمعيات التجار والصناعيين، التي تُعتبر اقوى من الدولة نفسها، وهي تتحكم بالوزراء والنواب معاً، عبر اشراكهم في مجالس الادارات، إن لم يكونوا اصلاً شركاء ومساهمين، بل انهم اصحاب المصارف والمؤسسات. هذا التحالف قادر، كما اظهر امس، وفي العام 2014، وقبله، على ضرب كل انجازات الحركات النقابية، وابتلاع النقابات، ووضع اليد عليها، وصولاً الى تحويلها ادوات سلطوية.
هكذا ساهم الجميع في "تطيير" السلسلة.
التعليقات