صلاح الجودر

لقد جاءت التحليلات والتوقعات للسياسة الأمريكية الجديدة إثر فوز دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ودخوله إلى البيت الأبيض، فهناك من توقع أنه قادم لمواصلة السياسة الأمريكية (الرخوة) بمنطقة الشرق الأوسط، وما هو إلا لاعب جديد ينفذ أجندة أمريكية تم اعتمادها إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبرعام2001م، وهناك من يرى بأنه بخلاف كل الرؤساء الأمريكيين السابقين، فلا يتقن السياسة والدبلوماسية ولا حتى فن الممكن في العلاقات، وهو لا يعدو أن يكون مصارعًا في (WWE).

وهناك من يرى بأن هناك تغيرًا كبيرًا في السياسة الأمريكية اتجاه الشرق الأوسط في ظل صعود نجم الروس والصين بالمنطقة، وكذلك محاولة تسيد النظام الإيراني في المنطقة من خلال تدخله السافر في بعض الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، بالإضافة ان هناك هاجسًا لدى بعض الجمهوريين من الاتفاق النووي مع إيران في مجموعة (5+1)، ومحاولة معالجة آثار سياسة الرئيس الأمريكية السابق باراك أوباما الذي أشعر إيران وبعض مليشياتها بالمنطقة بأنها القوى المسيطرة.

إن بعض المؤشرات توحي باختلاف سياسة الإدارة الأمريكية، ففي السابق كانت الإدارة الأمريكية لا تكترث لخروج الجماعات الإرهابية وقيامها بالقتل والتخريب والتدمير، بل وكانت تبرير أعمالهم بأنها بعض المطالب بالحقوق أو أنها حرية تعبير! الأمر الذي أفسح المجال لتلك الجماعات الإرهابية للتكاثر ومزيد من أعمال العنف والتدمير، بل ودفع بها لممارسة أعمالها في دول مثل فرنسا وألمانيا وتركيا، ولكن المتأمل في السياسة الأمريكية الحالية يرى بأن هناك إرادة قوية لمواجهة تلك الجماعات وتجفيف منابعها.

بعد ست سنوات من الأعمال العنفية والإرهابية التي ضرب البحرين، وأسالت دماء رجال الشرطة وحفظ الأمن، أخيرًا أدرجت وزارة الخارجية الأمريكية بعض الأشخاص على قائمة الإرهابيين العالميين، وأخيرًا اعترفت الإدارة الأمريكية بأن ما وقع بالبحرين هو إرهاب، وأن تلك الجماعات هي إرهابية مدعومة من الخارج، وهذا مؤشر على أن الإدارة الأمريكية الجديدة عازمة على التصدي للجماعات الإرهابية، ومن يقوم بدعمها، والتحريض عليها، وحتى أولئك الذين يتعاطفون معها ويبررون أعمالها.

لقد تصدت الأجهزة الأمنية طيلة السنوات الست الماضية لتلك الجماعات المدعومة من الخارج، وقد كشفت مخططاتها، ومن يقف خلفها، ومن يقدم الدعم لها، كل ذلك من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في هذا الوطن، وقد كانت كلفت ذلك باهظة حين سقط الكثير من رجال الشرطة وحفظ الأمن جراء الأعمال الإرهابية التي كانت تستهدفهم، ولكن لأن عقيدة رجال الأمن واضحة في الدفاع عن مكتسبات هذا الوطن فإن الدماء التي سالت كانت فداء لهذا الأرض وقيادتها السياسية!. 

إن القرار الأمريكي الأخير في إدراج مجموعة من الأشخاص على قائمة الإرهابيين العالميين يؤكد على أن الإدارة الأمريكية على أعتاب مرحلة جديدة، ونقلة نوعية في التعامل مع تلك الجماعات الإرهابية التي ارتباط مباشر مع النظام الإيراني، وهذا القرار الذي يتعقب بعض المطلوبين للعدالة يؤكد على أن الإرهاب اليوم لم يعد محصورًا في دولة أو يستهدف فئة من الناس، ولكنه أصبح ظاهرة عالمية، وكل دول العالم تعاني منه، لذا لابد من العمل المشترك لمواجهة تلك الجماعات.

إن هذه هي المرة الأولى التي تدرج فيها الإدارة الأمريكية بعض الأشخاص ضمن قائمة الإرهابيين العالميين، فخلال سنوات حكم باراك أوباما تراجعت الإدارة الأمريكية من مواجهة تلك الجماعات، بل وإنها لم تستخدم مصطلح (الإرهاب) رغم بشاعة الأعمال التي يقومون بها، الأمر الذي دفع بالمزيد من تلك الجماعات إلى التمدد والانتشار، من هنا فإن مواجهة تلك الجماعات وكشف مخططاتها هي مسؤولية المجتمع الدولي.