سمير عطا الله
تعرّض ملك فرنسا لويس فيليب لنحو ست محاولات اغتيال بين 1830 و1848، معظمها قام بها الانفصاليون الكورسيكيون. وفي إحداها مسحت رصاصة جبينه، لكنه ظل يتقدم فوق فرسه والناس تهتف: «عاش الملك».
وفي محاولة ثانية رمى أبناؤه بأنفسهم عليه، عندما انهال الرصاص من كل جانب، لكنه دفعهم عنه برفق قائلاً: «إنه الملك مَن يريدون».
وفي كل مرة كان يطلب العفو عن المرتكب، لكن القانون الفرنسي كان يحول دون ذلك. وقد نجح مرة واحدة عندما أطلق عليه مراهق الرصاص فأخطأه، وبدل الإعدام طلب أن يُنفى إلى الولايات المتحدة. وكان يرسل إليه جعالة شهرية لتغطية مصاريفه إلى حين العثور على عمل.
هذا ما يمكن تسميته الحل الآخر، أو العفو، إذا شئت.
وكان الملك حسين أكثر حاكم عربي تعرضاً لمحاولات الاغتيال والانقلاب. وقد أصبح المنقلبون من أخلص رجاله، بعدما حولهم إلى رؤساء حكومات ووزراء وسفراء وأصدقاء. بهذا الأسلوب، اختصر سلسلة لا تنتهي من العقاب والانتقام وتوسع النقمة. وذهب مرة بنفسه لكي يرافق ليث شبيلات الخارج من السجن. وبعد المواجهة الدامية في عمان مع الفصائل الفلسطينية التي حاولت الاستيلاء على الحكم، تعرّض الرئيس ياسر عرفات لعارض صحي بعد سقوط طائرته في ليبيا، وأصر الملك حسين على علاجه في مستشفى القوات المسلحة في عمّان، القوات نفسها التي كان يقاتلها قبل فترة.
هل ينجح مثل هذا الحل دوماً؟ لا أدري. ما نعرفه هو أن الحلول المألوفة لم تنجح أيضاً. و«وجبات الإعدام» في العراق لم تؤد في أي مرحلة إلى هدوء سياسي. السجون السياسية في سوريا لم تنفع. ما بدا حادثاً عابراً في درعا، كان يمكن أن يبقى حادثاً عابراً في درعا، لو أن النظام رآه كذلك، وليس جزءاً من «مؤامرات» الربيع العربي.
في مصر، حكم فؤاد الأول على بيرم التونسي بالنفي؛ لأنه لم يكن يحمل جنسية مصرية. وعاش في منفاه فقيراً ومعذباً يكتب أعذب الشعر. وكانت «الجنسية» الأصلية سبباً في إدخال عشرات السياسيين والمفكرين والكتّاب، سجن ليمان طرة، أيام عبد الناصر والسادات. الوحيد الذي لم يرسل إلى السجن أحداً سوى متهمي العنف كان حسني مبارك. لكنه أُرسل، في شيخوخته، إلى السجن بتهمة استخدام العنف مع المتظاهرين. لم يشفع له التخلي عن الحكم حقناً للدماء، ولا رفض الخروج من مصر، ولا أطول مرحلة استقرار منذ 1952.. . . .
التعليقات