عبدالله بن بخيت

دوامة الفوضى والعنف في المنطقة أصبحت دولية. صارت تمس الدول الكبرى ودول الإقليم على مستويات متعددة. كل قضية اشتبكت مع القضايا الأخرى وتجاوزت الحدود التي كان يجب أن تبقى فيها لتصبح قضايا سياسية ودينية واقتصادية معقدة. لا يمكن أن تضطلع بحلها دولة واحدة. تملك أميركا أقوى الأسلحة والمعرفة والاقتصاد والتأثير على العالم. لا حل لأي قضية استراتيجية في العالم دون حضور الولايات المتحدة ولا حل لقضية استراتيجية في منطقة الشرق الأوسط دون حضور السعودية لما تملكه من قوة ومعرفة وبعد تاريخي. اتفاق السعودية والولايات المتحدة حول قضايا المنطقة هو الطريق الوحيد لوضع حد للمآسي التي تعاني منها كثير من الشعوب العربية.

المملكة والولايات المتحدة يواجهان عددا من الأعداء ذوي الطبيعة المشتركة. في مقدمة هؤلاء الأعداء داعش والنصرة وإيران ويقتربان من التطابق في شأن حزب الإخوان المسلمين. الحرب على هذه المنظمات وإيران لن تنتهي بمجرد تلقي هذه التنظيمات هزيمة عسكرية. هذه القوى لا تحركها أهداف سياسية أو اقتصادية لأنها في الأساس نبتة ثقافية غائرة في التاريخ الديني والاجتماعي في المنطقة. هذه القوى كالجراد يختفي وما أن تصبح البيئة مناسبة حتى يعاود الظهور. إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على توفير القوة العسكرية والمعلوماتية لهزيمة هذه المنظمات الشريرة، فالسعودية تملك نفس القوة وتملك أيضا الرصيد الثقافي والوعي بطبيعة هذه القوى. تستطيع تقديم المعرفة بالبعد الثقافي والفكري التي بدونها سوف تعود هذه القوى للظهور في كل مرة تحدث فيها اضطرابات في بلد إسلامي.

هزيمة هذه القوى لن تنجز دون تحالف استراتيجي بين القوى الإسلامية الأساسية وأميريكا. تنقية العالم الإسلامي من أساسات التطرف ودعاته والتعاون مع الدول المتقدمة لنقل التكنولوجيا والمعلوماتية إلى الشعوب الإسلامية. خلق فرص عمل وأمل بين الشعوب الإسلامية وإزالة الإحباط والشعور بالدونية الذي يولد سوء الفهم والكراهية بين الدول المتقدمة وشعوب العالم الثالث.

زيارة الرئيس الأميركي فرصة تاريخية لشعوب المنطقة. لعل هذه القمة تؤسس لخطة عمل عسكرية وفكرية واقتصادية تسير بمحاذاة بعضها البعض. بدءاً من تكوين ما سماه بعض المحللين ناتو إسلامي تدعمه أميركا ولاحقا تحالفات اقتصادية وثقافية كبرامج ابتعاث ونقل التكنولوجيا وتبادل الأعمال الإبداعية والترفيهية... الخ. عندئذ ننتقل من الشكوك ونظرية المؤامرة إلى التعاون المثمر كما حصل بين الأميركان وشعوب شرق آسيا كاليابانيين والكوريين والصينيين.

الحرب المشتركة الأميركية الإسلامية لا يمكن النصر فيها بالوسائل العسكرية وحدها. ثمة قناعات يتوجب اقتلاعها. قناعة الرئيس الأميركي بأهمية المملكة وقوتها سوف تكون الأساس الذي سيتأسس عليه نجاح الزيارة والوصول إلى الأهداف.