جاسر عبدالعزيز الجاسر

حتى وإن نجحت وساطة الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، التي يقوم بها للمرة الثانية بين دول مجلس التعاون وأمير قطر، فإنها لن تساعد مَن يحكمون قطر على الإفلات من الطوق الذي يشتد حولهم لوقف تماديهم في دعم الإرهاب.

وساطة أمير دولة الكويت تواجه صعوبات كبيرة؛ فالشيخ صباح الأحمد الصباح الأمير الحكيم يحظى بحب وتقدير واحترام في كل من الرياض وأبوظبي والمنامة، بل في كل دول الخليج العربية وجميع الدول العربية والإسلامية.. فهذا الرجل المبتسم دائمًا يهرع دائمًا للقيام بالوساطات، وإزالة الجفاء بين الدول، وكثيرًا ما نجح وأفلح في مسعاه، إلا أن هذه المرة صعبة جدًّا؛ فالطرف الذي عقد معه الاتفاق، وحضر معه إلى الرياض، لم يعرف بما اتفق عليه؛ فالدوحة التي تعاني منها الرياض والمنامة وأبوظبي، وحتى الكويت والقاهرة وطرابلس وصنعاء، استمرت في احتضان قادة الإرهابيين والمنظمات الإرهابية والمليشيات، بل أضافت مليشيات أخرى؛ فبالإضافة إلى التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين وقادة حماس والمرتبطين بالقاعدة من طالبان، أضافت الدوحة إلى كل هؤلاء من الإرهابيين المحسوبين على أهل السُّنة قادة الإرهابيين والمليشيات الإرهابية من الشيعة، بدءًا من الحوثيين الذين كانت لقطر اتصالات بهم ودعم منذ وقت طويل، مثلما كانت لقطر علاقات متميزة مع مليشيات حزب الله اللبناني؛ لتضم له حزب الله العراقي ومليشيات الحشد الشيعي، وعقد جلسات تفاهم ومباحثات مع مهندس إرهاب ملالي إيران قاسم سليماني.

كل هذه التجاوزات واضحة بالعمل مع المنظمات والجماعات والمليشيات الإرهابية التي تعادي وتحارب دول الخليج العربية، وبالذات المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات واليمن، بما فيها الكويت؛ إذ تحصل هذه الأذرع الإرهابية لإيران على دعم مالي مستمر وتسهيلات، تهيئ لها الحصول على الأسلحة والتغطية الإعلامية من خلال النافذة الإعلامية الأكثر توجيهًا وتورطًا مع الإرهابيين «قناة الجزيرة»، التي تضم جماعة من المحرضين، ويديرها خبراء، جميعهم معادون لدول الخليج، من خلال تجمع غريب، يجمع بين الإخوانيين والعلمانيين المعادين للإسلام والعرب، ويقودهم عزمي بشارة عضو الكنيست الإسرائيلي.

كل هذه الممارسات التي التزمت قطر من خلال أميرها في الوساطة الكويتية الأولى بالتوقف عنها، وأن تنظِّف قطر من أعداء الخليج مهندسي الإرهاب من الإخوان المسلمين ومن قادة حماس والمحرضين الإعلاميين وفريق عزمي بشارة وغيرهم.. كل هذه التعهدات لم تنفَّذ، بل أُضيفت لها أذرع إيران الإرهابية؛ فكيف سيثق أهل الخليج العربي وقياداتهم المؤتمنون على أمن واستقرار ومكاسب التنمية في بلدانهم بأي تعهد جديد من قِبل قطر، وهم الذين نكثوا عهود الوساطة الأولى؟

لكل هذا يعتقد الكثير من المراقبين والمتابعين أنه لا أمل بنجاح الوساطة الكويتية؛ ولهذا فإن الشيخ تميم عاد من الكويت دون أي تصريح أو حتى خبر إعلامي يشير إلى أي تطوُّر في مسعاه لوساطة الكويت.

طوق النجاة الكويتي يكاد ينفد.. أما النجاة مما ينتظر حكام قطر في قادم الأيام، بعد أن اجتمعت دلائل ووثائق تؤكد انغماس القيادة القطرية في دعم الإرهاب، فذلك أمر آخر في غاية الصعوبة.