عبدالله العقيل

قبل إقامتي في أميركا، كنت دائما أتعجب من طريقة تربية الأميركان أطفالهم. وكان حالي حال أي شخص يعتقد بأن الله نزع من قلوبهم الرحمة في تعاملهم مع أبنائهم. 
فلك أن تتخيل من اليوم الأول الذي يرزقون فيه بمولود، يضعونه في غرفة وحده مع جهاز كاميرا وصوت، لا يأتون إليه إلا إذا احتاجهم. كيف لهم أن يتركوا هذا الرضيع الجديد على الحياة وحده في غرفة مظلمة!.

كنت أعتقد أنها قمة القسوة، ولكن بعد أن رزقت بأطفال عرفت أني وكثير غيري ما زالوا يعانون تعلق الأطفال بوالديهم وقت النوم. 
كنت أيضا أعتقد أن الأميركان لا يحبون أبناءهم، بدليل أنهم يطردونهم من المنزل إذا وصلوا إلى عمر الـ18، أو يطلبون منهم دفع مبلغ الإيجار للبقاء. 
وفوجئت بأنهم يعلّمونهم الاستقلالية والاعتماد على النفس لمواجهة الحياة. لم أكن أعلم أن العائلة الأميركية بمجرد أن ترزق بمولود تبدأ في توفير مبلغ شهري في حساب ادخار ليكون هذا الحساب بعد 18 سنة كافيا لدفع تكاليف الدراسة الجامعية المكلفة هناك. 
اكتشفت أن عاطفتنا الزائدة مع أبنائنا أنتجت لنا جيلا لا يستطيع مواجهة قسوة الحياة. جيلٌ «مدلع» لا يعتمد على نفسه، تعوّد أن يحصل على كل شيء، وفي المقابل لا يسعده أي شيء.
الأميركان يعلمون أبناءهم أن الحياة صعبة دون الوالدين، ونحن نعلّم أبناءنا أن الحياة سهلة بوجود الوالدين. هم يربون أبناءهم لمواجهة المستقبل، ونحن نربي أبناءنا لينغمسوا في نعيم الحاضر. هم يحنون على أبنائهم بقسوتهم، ونحن نقسوا على أبنائنا بعاطفتنا.