سعيد الحمد

 كغيري من المشاهدين عرفته من خلال الجزيرة وبرنامجه «سري للغاية» ولربما كنت واحدا من القليلين الذين أثارهم غموض الرجل، فبدالي لغزا اكثر منه مذيعا ومقدم برامج ناجحة، وإن كنت ومنذ البداية أضع ألف خط تحت كلمة ناجحة لهكذا برامج مخابراتية ليست بعيدة عن الشبهات، خصوصا عندما تخترق وحدها كبرنامج سري للغاية خصون القاعدة وتزور وتدخل وتخرج من كهوفها «سلاما سلام».
فبعد أحدات 11 سبتمبر 2001 من يستطيع من المذيعين ومقدمي البرامج أن يجري لقاء مع خالد شيخ محمد ورمزي ابن الشيبه اهم المطلوبين لأهم جهاز مخابرات في العالم «السي.آي.ايه»!!؟؟
سؤال لا تبدو الاجابة عليه سهلة وعادية وفي النهاية هو سؤال لم يجب عنه يسري فوده الذي استطاع أن يفعلها بفعل فاعل مجهول ومبني للمجهول أيضا لا سيما إذا ما عرفنا ماذا جرى بعد اللقاء للأشرطة وهي حكاية أخرى ربما ستبدو حلقة في سلسلة الغموض المحيط بيسري.
فبحسب الروايات الموثقة ان يسري وفورعودته الى الدوحة اجتمع ذلك العام مع اميرها ليحدثه بتفاصيل «مغامرته» الناجحة او بالأدق ليروي له تفاصيل مهمته السرية.
فبحضور رئيس مجلس ادارة الجزيرة الذي رتب اللقاء السري بين الامير وفوده، صعقهم يسري فوده باختفاء اشرطة اللقاء مع خالد شيخ محمد ورمزي ابن الشيبه، وعندما ايقن بأن المفاجأة أذهلتهم حد الصقع اضاف «ان الجهة التي بحوزتها الاشرطة تطلب مليون دولار لتسليمهم للقناة» وأضاف حتى يبرئ نفسه من تهمة التواطؤ وابتزاز المشيخة القطرية بطلب المليون الاضافية على المليون الذي استلمه لانجاز المهمة اضاف بأنه من حيث المبدأ «يرفض المساومة رفضا قاطعا»...!!
لكن المليون دولار المطلوبة يتم استلامها وفوقها اكرامية ضخمة ويبتسم الرجل الغامض فقد نجحت لعبة «المبادئ» وكسبت مليون دولار اضافية بخرافة اختفاء الاشرطة، وهكذا المساومات يا يسري وإلا بلاش.
وفيما جمهور ومشاهدو الجزيرة يتابعون برنامج سري للغاية ولقاء فوده مع خالد شيخ محمد ورمزي ابن الشيبه بعد المونتاج المخابراتي الدقيق والحذف المدروس كان مدير الاستخبارات الامريكية «السي.آي.إيه» قد انتهى مع كبار مساعديه من متابعة الاشرطة الخام التي لم يمسها المونتاج ولم يطالها الحذف، وصدرت الاوامر الحاسمة للقبض على خالد شيخ محمد ورمزي ابن الشيبه بعد الاستدلال على مكانهما، وقد كان الصيد ثمينا.
فمن باع من يا يسري يا فوده يا «بتاع المبادئ».فهل ما زال «سري للغاية» سريا؟؟
في العام 2009 «يستقيل» وأضعها بين قوسين مزدوجين عمدا من قناة الجزيرة ليظهر في قناة «أون.تى.في» المصرية مديرا او مسئولا وليلعب من جديد في ارض ساخنة هي مصر بلاده والتي سرعان ما ينفجر فيها ما سمي بالربيع العربي ويبرز فوده أول ما يبرز في 28 يناير 2011 وهو يصرخ مكتوما كعادته ووفق أسلوبه المعروف بعباراته المنتقاة قائلا «الى غير رجعة حاجز الخوف انكسر، هذه ايام الغضب».لتبدأ حلقات أخرى جديدة قديمة من برنامج «سري للغاية» بذات الغموض وتحت عنوان آخر جديد هو اسم برنامجه قبل ان يستقيل من تلك القناة أيضا «آخر كلام» هو العنوان..
لكن التفاصيل ما زالت غامضة في حياة رجل اسمه يسري فوده عرفناه من الجزيرة وعرفته المخابرات الامريكية من تورا بورا.