سيد محمود
دخلت عازفة الفلوت العالمية إيناس عبدالدايم التاريخ لكونها أول امرأة تشغل منصب وزيرة الثقافة في مصر. وجاء اختيار عبدالدايم، التي حققت نجاحاً ملحوظاً خلال تولّيها رئاسة دار الأوبرا المصرية، خلفاً للصحافي حلمي النمنم، ضمن التعديل الوزاري الذي وافق عليه مجلس النواب (البرلمان) المصري صباح أمس.
وبهذا الاختيار تنضم عبدالدايم إلى قائمة من السيدات العربيات بلغن هذا المنصب، مثل نجاح العطار ومها قانوت (سورية) ومي آل خليفة (البحرين) وثريا جبران (المغرب) وسونيا مبارك (تونس).
ولاقى اختيار عبدالدايم قبولاً لدى قطاعات كبيرة من المثقفين المصريين لكفاءة إدارتها دار الأوبرا المصرية على مدى سنوات، كما اعتبره البعض مؤشّراً تقدُّمياً لكونها أول امرأة تصل إلى هذا المنصب الذي حالت جماعات وقوى سياسية محافظة دون حصولها عليه في أول تغيير وزاري أعقب إزاحة حكم جماعة «الإخوان المسلمين» عام ٢٠١٣.
وتردّد آنذاك أن القوى السلفية رفضت اختيار امرأة لحمل تلك الحقيبة التي تعاقب عليها ٧ وزراء منذ أحداث 25 كانون الثاني (يناير) ٢٠١١، كان النمنم أطولهم مدة ولم يحقق نجاحات تذكر، إذ وصفته مقالات صحافية بـ «الوزير الصامت» أو «وزير الافتتاحيات»، في إشارة إلى تركيزه على مهرجانات غير فاعلة.
وكانت عبدالدايم تحوّلت إلى رقم صعب في إدارة وزارة الثقافة المصرية قبل نحو خمس سنوات، حين أصدر وزير الثقافة السابق المحسوب على «الإخوان» علاء عبدالعزيز قراراً بإقالتها من إدارة دار الأوبرا. لكن قراره لاقى رفضاً واسعاً من المثقفين وفناني الأوبرا، ونُظّمت لمعارضته احتجاجات أخذت شكلاً شعبياً وعُرفت باسم «اعتصام المثقفين» الذي كان أحد أبرز احتجاجات حزيران (يونيو) ٢٠١٣ التي انتهت بإزاحة «الإخوان» من الحكم وعودة عبدالدايم إلى منصبها. وهي واصلت حضورها في العمل العام، فاختيرت العام الماضي عضواً في المجلس القومي للمرأة.
وفي تصريحات عقب تسميتها وزيرة، دعت عبدالدايم المثقفين إلى دعمها في الموقع الجديد، مؤكدة أن «المهمة صعبة لوجود ملفات كثيرة في الوزارة التي تحظى بتركة بيروقراطية كبيرة». وسيكون ملف إدارة الدورة الجديدة لمعرض القاهرة للكتاب، التي ستفتتح في ٢٧ الجاري، أولى الاختبارات الصعبة في مواجهة الجماعة الثقافية المطالبة باستحقاقات سريعة، في مقدّمها إعادة هيكلة وزارة الثقافة، وتبني سياسات ثقافية جديدة تقوم على مزيد من الشراكة مع المجتمع المدني، فضلاً عن توفير اعتمادات مالية أو ترشيد الإنفاق في بعض القطاعات.
وتتمتع عبدالدايم بسيرة ذاتية وخبرات متنوعة داخل مؤسسات وزارة الثقافة، الأمر الذي يساعد في إدارتها الوزارة، إلى جانب انخراطها الواسع في مبادرات غير رسمية لدعم النشاط الموسيقي في مصر. وهي حاصلة على الماجستير ثم الدكتوراه بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف في «آلة الفلوت» من المدرسة العليا للموسيقى في باريس. وشغلت منصب عميدة كونسرفتوار القاهرة عام 2004، ومديرة أوركسترا القاهرة السيمفونية سنة 2003، ورئيسة قسم آلات النفخ والنقر في كونسرفتوار القاهرة، كما وصلت إلى منصب رئيس أكاديمية الفنون التابعة لوزارة الثقافة قبل انتدابها لإدارة الأوبرا. وحصلت قبل ذلك على جوائز عدة، منها جائزة الدولة التشجيعية للفنون، وجائزة أحسن عازفة، وجائزة مهرجان كوريا الجنوبية للفنون، وجائزة الإبداع من اتحاد المعاهد الموسيقية في فرنسا، وشهادة تقدير من مهرجان كوبا الدولي لآلة الفلوت، واختيرت في آذار (مارس) 2000 ضمن أبرز عشر نساء مصريات في القرن العشرين.
وتنتمي الوزيرة الجديدة إلى أسرة من الطبقة الوسطى. وسعى والدها معلّم الموسيقى والعازف على آلة الكمان، إلى تعليمها الموسيقى منذ صغرها هي وشقيقتها إيمان مصطفى التي تعتبر واحدة من أشهر مغنيات الأوبرا عالمياً.
التعليقات