& &خالد عمر بن ققه

أتابع بانتظام ما تحققه الإمارات العربية المتحدة من منجزات حضاريَّة لمصلحة العرب، دون أن تَمُنَّ بذلك على أحد، يتم هذا في وقت غرقت فيه دولنا الوطنية في مشكلاتها وأزماتها، وتخلت طواعيةً أو مُكْرهة عن الانتماء العربي، بل إن بعضها عمل من أجل أن ينقل ذلك إلى الشعوب، ورغم تراكم المنجزات الإماراتية لمصلحة العرب، إلا أن هناك أطرافاً عدة موجهة أو جاهلة تشن حروباً على تلك المنجزات مهما كانت درجة «خَيْرِيّتِها»، المدهش في ذلك أمران: الأول: أن كثيراً من الذين يحاربون الإمارات مستفادون بشكل مباشر أو غير مباشر من كل المشاريع القومية التي تطرحها، والأمر الثاني: سيْر الإمارات إلى غايتها وأهدافها وهي غير عابئة بتلك الحملات، ولكنها في الوقت ذاته تتابع ما يُدبَّر ويُحَاك ضدها في الليل، وما يَجْرحُه كُثْرٌ بحقها في النهار.


سَعْي الإمارات إلى أهدافها القومية، وتخطيها لكل العقبات، يعود في نظري إلى ثلاثة أسباب رئيسة، أولها: إن قيادتها الحكيمة مُنْشغِلة بتطوير الدولة وتقدم الأمة، وليس لديها وقت تستهلكه في المهاترات الجانبية، وثانيها: إن صُنَّاع القرار فيها يدركون بوعي أن قرارتهم وأفعالهم مهما أوتيت من حكمة وسداد ورشد هي نتاج البشر، وتحتاج دائماً للتعديل والإضافة والتغيير أحياناً، وكل الشواهد تدل على أن المنجز الإماراتي في بُعْديْه الداخلي والخارجي، الوطني والقومي، يتم النظر إليه من طرف قادة الإمارات من منظور الفعل البشري، وثالثها: إن زراعة التفاؤل في زمن التشاؤم، وبعث النور في أيام الظلام، وتوسيع دائرة الصلاح في أوقات الفساد، تتطلب توافر شروط أربعة، هي: التحدي، والصبر، والوعي، والإبداع، وذلك ما تقوم به القيادة الإماراتية.&


الإمارات اليوم، ترفع«صوت العرب» عالياً، مع أن أخواتها تَخْفِضْنَهُ خوفاً ورهباً من الآخرين، أو إرضاء لهم، وهي تقوم بذلك من خلال مشاريع ومبادرات قومية تنوب فيها عن العرب جميعهم، بل إنها تتحمل أعباءهم، والأكثر من هذا تدفعهم للخروج من ضيق التشاؤم إلى سعة التفاؤل، مراهنة على الأطفال واليافعين والشباب، وأقرب مبادرة إلينا هي تلك التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يوم الثلاثاء الماضي 16 أكتوبر الجاري، وهي منصة «مدرسة» الإلكترونية التعليمية، والتي تعدُّ الأكبر من نوعها على مستوى العالم العربي، ضمن مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وتضم 5000 درس تعليمي بالفيديو، تشمل: مواد العلوم والرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء، وتغطي المراحل المدرسية من رياض الأطفال وحتى الصف الثاني عشر، والهدف منها تطوير محتوى تعليمي متميز باللغة العربية، ترجمة عن أرقى المناهج والمساقات التعليمية في العالم، بحيث يتم إتاحته مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي في أي مكان في العالم.


تعتبر هذه المبادرة محاولة جادة وواعية، وواعدة أيضاً، وذات صلة بشعار«التحدي» الذي يظهر في عدد من المنجزات الإماراتية، وهي تتعلق بأمرين، الأول: بث روح الأمل والتفاؤل، والثاني: صناعة مستقبل أفضل من خلال تطوير التعليم، كما جاء واضحاً في قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «بناء مستقبل أفضل لمنطقتنا يبدأ من الفصول الدراسية، والتعليم الإلكتروني قادر على ردم الفجوة المعرفية في العالم العربي.. والوصول لملايين الطلاب العرب وتطوير قدراتهم العلمية سيكون عبر التكنولوجيا»، وهذه مبادرة واحدة فقط من مئات مثلها، وكلها تؤكد أن الإمارات مدرسة مفتوحة لتعليم الدروس في السياسة والاقتصاد والثقافة، لكن للجادين من العرب فقط.

&