عقل العقل
الصواريخ والعبث الإيراني تجاه المملكة وأراضيها خط أحمر على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، فالمملكة ليست دولة هامشية على الصعد كافة، الروحية والسياسية والاقتصادية، بل إن دولة مثل المملكة لها هذا الثقل الإقليمي والدولي لا يمكن أن تمرّ الصواريخ الإيرانية الإرهابية المستهدفة للسيادة السعودية مرور الكرام، كما أن الرياض ليست بقاصرة عن الرد على مثل هذه الاعتداءات المشينة، ولكنها دولة مسؤولة في سياساتها الخارجية وتعاطيها مع الأزمات الإقليمية، ولكن يبدو أن إيران قد وصلت إلى مرحلة من الاحتقان الداخلي مع شعبها، الذي خرج في مظاهرات حاشدة ضد العبث بمقدراته على ميليشيات إرهابية تعبث في عالمنا العربي، مستغلة الظروف السياسية والأمنية التي تعيشها بعض دوله.
ولكن يبدو أن المشاريع التوسعية الإيرانية تتساقط الواحد تلو الآخر، إذ إن أكثر ما استثمر فيه النظام الإيراني هو الحالة العراقية، التي أدخلها في صراع طائفي بغيض، إلا أن لعبتها انكشفت الآن بمناصرة الشيعة العرب بعد أن عاد العراق إلى محيطه العربي، وكان موقف إيران في مؤتمر المانحين للعراق، الذي عقد بالكويت أخيراً، أكبر دليل لمن لا يريد أن يفهم أن إيران لا يهمها العراق وشعبه، بل إن مصالحها تأتي في المقام الأول، فإيران لم تقدم «فلساً» واحداً في «مؤتمر المانحين».
وفي الحالة السورية، على رغم الوجود والدعم الإرهابي الإيراني للنظام السوري، إلا أننا نشهد أن طهران هي الخاسر الأكبر على الساحة السورية، حتى إن صلابة التحالف والمواقف بين إيران وموسكو بدأت تدب بينهما الخلافات حينما بدأ الموقف الأميركي يظهر بشكل واضح للجميع، حتى إن روسيا بقواتها بدأ يلامسها الخوف على ما حققته من مكاسب في المشهد السوري.
مسرحية إسقاط الطائرة الإسرائيلية، كما قيل من قبل القوات السورية، هي محاولة لإحياء عواطف جماعات الممانعة في المنطقة، وقد فشلت تلك الخطة وعدت ولم نسمع «التغني» بكسر شوكة إسرائيل كما رددوها سابقاً في انتصارات كارتونية، ولما أتت ساعة الحقيقة، اصطف محورهم ضد الشعب السوري المسالم، على رغم ادعائهم الوقوف مع ثورات بعض الشعوب العربية، وكم رددنا أن المبادئ والأخلاق لا تتجزأ إذا كان من يؤمن بها صادقاً.
يبدو أن إسقاط الطائرة الإسرائيلية يعبّر عن موقف روسي، وليس إيرانياً أو سورياً، لحالة الإحباط التي يعيشها «الدب الروسي»، جراء فشل مؤتمراته السياسية أو عملياته العسكرية في سورية.
يأتي التحرك الغربي الأخير، المتمثل بمشروع قرار مقدم لمجلس الأمن الدولي من كل من أميركا وبريطانيا وفرنسا حول الاعتداءات الإيرانية وصواريخها التي يطلقها الحوثيون على أراضي المملكة في هذا السياق، فإيران ستجد نفسها وحيدة أمام المجتمع الدولي، وإن كانت صادقة فلتوقف تدخلاتها واعتداءاتها على المملكة وعلى دول المنطقة، وأن تكف عن استخدام الوكلاء في العالم العربي لنشر الفوضى والخراب والدمار.
لن أستغرب تغيير موسكو مواقفها من إيران في المحافل الدولية عندما يصوّت على مشروع هذا القرار الأممي، وسنسمع العويل والتهديد الإيراني للمصالح الغربية بإغلاق المضايق المائية الدولية، ولكنها لن تتعدى أفواه مطلقيها في طهران.
التعليقات